
مرت قبل يومين حادثة جعلت العالم الإسلامي يقف على أمشاط قدميه, واضعا يده على قلبه, كاتما أنفاسه, وهو يردد: اللهم سلم سلم !
وهي حادثة محاولة الانقلاب العسكري على حكومة أردوغان, فما إن انجلت الغمة, وتقشع غبار المحنة, حتى صدح المسلمون بالتكبير, وشكر الله عز وجل أن لطف بأمة محمد ﷺ فلم يجمع عليها كارثتين في وقت واحد –وضع سوريا ونجاح الانقلاب- !
في هذه الأثناء خرج علينا منظرو الغلاة ليمارسوا مهنتهم في تكفير عباد الله, ويغتنموا هوايتهم في تعكير أفراح المسلمين والتشويش عليهم .
فخرج علينا فصيل يتزيا بزي العلماء –وهم من الجهلة الرُعناء- ليقولوا -المقدسي والفلسطيني- بأن الفرح بانتصار أردوغان هو من قبيل الفرح بانتصار الروم على الفرس في تكفير مبطن له, وصرح بعضهم –القنيبي- بتكفير أردوغان بناء على مسألة الحاكمية –وهي مسألة الخوارج الأولى التي يلوكونها عبر التاريخ-, وأما بقية هؤلاء المخلوقات فتوقفوا في تكفيره !
هؤلاء "الشرذمة" لا يعون من دين الله إلا القسمة الثنائية فقط, فإما أن تطبق شرع الله كاملا, وتعلن ذلك على الملأ, ولو جر لحرب الأبيض والأسود, أو أنك معادٍ محادٍ لدين الله وهذا كفر, تماما كما قال أجدادهم لعلي رضي الله عنه: إنك محوت اسمك من أمير المؤمنين فإذن أنت أمير الكافرين !!!
هذا هو عين ما يكفرون به أردوغان –تصريحا وتلميحا- بأنه لا يحكم بشرع الله إذن هو كافر, ولا يراعون مسألة العمل بالممكن المستطاع, ولو أدرك هؤلاء صلاح الدين الأيوبي –محرر القدس من الصليبيين- لمّا كان وزيرا عند العبيديين لكفروه بل لجعلوا قتاله أولى من قتال العبيديين بل والصليبيين, وأعظم من هذا فلو أدركوا النبي ﷺ –بهذا الفكر- لرفضوا الصلاة خلفه على النجاشي عندما مات, لأن النجاشي قام بحكم الحبشة بدين النصارى, وعقيدة التثليث, وأن الخمور تباع في مملكته بتقنين منه, ويتبايع الناس بالربا, ويشرك بالله علانية في كنائسهم, ومع ذلك لم يبنِ مسجدا واحدا للمسلمين طيلة ملكه رغم ظهور الدين في جزيرة العرب, ولربما اتهم هؤلاء النبي ﷺ في دينه إذ كيف يجامل من هذا حاله, فضلا عن الصلاة عليه وسؤال الله له الرحمة !!
وصدق بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم عندما قال عن ذي الخويصرة: "يخرج من ضئضئ هذا –أي من جنسه- قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم ...." !!
أرأيتم هذه الجناية التي جناها الغلاة على الأمة بهذا الفكر ؟!
أما أردوغان فلست من مريديه المدافعين عنه بحق وباطل, فله ما له وعليه ما عليه, ولكنه مسلم موحد نصر الله به الدين, ورفع به مناره في بلد كانت فيه شرائع الدين الظاهرة من الجرائم, فأصبحت اليوم بلاده في حكمه محط الروابط والهيئات والجمعيات والمعاهد الإسلامية حول العالم .
إن في شرعنا (ينصر الله هذا الدين بالرجل "الفاجر") فكيف إذا كان هذا النصر على يد رجل مسلم يفتخر بدينه, ويعتز به في كل محفل ؟!
ختاما أقول لهؤلاء المرضى: لقد انتصر أردوغان الموحد وغُلِبت الروم!
فيما عرضت بعض الصحف العربية اخبار كاذبة بعنوان "صفقة أمريكية - تركية" لإخراج قيادات إسلامية من تركيا ونسبته على لسان نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ياسين اقطاي الذ انكره وبشدة ,,,

مشاركة الكاتب / جاسم البعداني