يبدو ان حاكم صنعاء يدرك انه على مشارف مصير من سبقه من الحكام العرب المخلوعين خلال الايام القليلة السابقة، الا انه يماطل في سبيل اطالة امد بقاءه في السلطة عل ان تجري رياح التغيير التي عصفت باليمن بما تشتهي نفسه.




الا ان الواقع على الارض يخالف ما يتمناه الرئيس اليمني جملة وتفصيلا، فيما كان لموجة الاستقالات الاخيرة في صفوف حزبه وحكومته ضربة قوية تساعد في التعجيل بخلعه في وقت اقصر مما يجهد في اطالته.
فيما قد يكون صالح اول رئيس تعجل المنية في رحيله، خصوصا ان جيشه تتخلله حالات تمرد واسعة، فهل ستكون نهايته عبر التصفية الجسدية من خلال عملية اغتيال؟ هذا ما سوف تكشفه الايام القادمة.
قادة عسكريون ينضمون الى المعارضة
فقد اعلن قادة في الجيش اليمني وعدد من الساسة انضمامهم الى الاحتجاجات المتصاعدة المطالبة بتنحي الرئيس عبد الله صالح، رغم اقالته الحكومة الاحد في محاولة لتهدئة الوضع.
واعلن اللواء علي محسن صالح الأحمر قائد المحور الشمالي الغربي وقائد الفرقة الأولى مدرعات في الجيش اليمن دعمه ومساندته مع ضباط وأفراد فرقته التي يقودها لثورة الشباب السلمية وتعهد بحمايتهم.
وقال الاحمر في اعلان عبر قناة الجزيرة القطرية انه نزولا عند رغبة زملائي وابنائي في المنطقة العسكرية الشمالية الغربية والفرقة الاولى المدرعة والذين انا واحد منهم اعلن نيابة عنهم دعمنا وتاييدنا السلمي لثورة الشباب السلمية .
واضاف سنؤدي واجباتنا غير المنقوصة في حفظ الامن والاستقرار . ويوصف اللواء علي بأنه الأخ غير الشقيق للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، كما يعد من اهم اعمدة النظام اليمني.
واعتبر الاحمر ان اجهاض العملية الحوارية واغلاق منافذ التوافق الوطني وقمع المعتصمين السلميين، ادى الى ازمة تزداد تعقيدا وتدفع البلاد نحو شفير العنف والحرب الاهلية .
كما انضم اللواء الركن محمد علي محسن قائد المنطقة العسكرية الشرقية في حضرموت إلى الشباب المعتصمين في ساحة جامعة صنعاء.
ويعتبر اللواء الركن محمد علي محسن هو الآخر من أقرباء الرئيس علي عبد الله صالح ومن المقربين له.
واعلن العميد حميد القشيبي قائد اللواء ثلاثمئة وعشرة في الجيش اليمني انضمامه هو الآخر إلى الشباب المعتصمين في ساحة الجامعة.
كما استقال كل من حمير الأحمر نائب رئيس مجلس النواب اليمني احتجاجا على ما اعتبره قمعا للمتظاهرين، وعدد من النواب البرلمانيين.
وميدانيا، انتشرت دبابات ومدرعات الجيش اليمني بكثافة في صنعاء بما في ذلك في محيط القصر الجمهوري ووزارة الدفاع والبنك المركزي، حسبما افادت وكالة فرانس برس.
وذكرت الوكالة ان دبابات ومدرعات جديدة انتشترت في شوارع صنعاء الحيوية وبالقرب من البنك المركزي والقصر الجمهوري ودار الرئاسة ووزارة الدفاع.
واضاف نفس المصدر ان مشاة من الجيش ينتشرون بكثافة على مداخل ساحة الاعتصام امام جامعة صنعاء.
وادان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بشدة الاثنين استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في اليمن.
وقال بان للصحافيين عقب محادثات مع الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة ادين بشدة استخدام قوات الامن الذخيرة الحية ضد المتظاهرين في صنعاء .
واضاف على الحكومة اليمنية واجب حماية المدنيين. وادعو الى ممارسة اقصى درجات ضبط النفس وانهاء العنف .
وتابع لا يوجد بديل لمعالجة الازمة اليمنية عن اجراء حوار شامل حول الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
وقال سفير اليمن لدى اليابان الذي استقال من منصبه ليل الاحد لبي بي سي إنه استقال من منصبه احتجاجا على ما أسماه مجزرة الجمعة، وإنه سيعود إلى اليمن.
وأضاف أنه لا يريد الإساءة إلى الرئيس اليمني، فهو جزء من النظام أصلا، لكنه لا يستطيع القيام بمهامه بعد الذي جرى.
وطالب رجال دين وشيوخ قبائل بارزون الرئيس اليمني بالاستجابة لمطالب الشعب ، علما ان حكومته تلقت ضربة جديدة قبل اقالتها باستقالة وزيرة حقوق الانسان هدى البان منها على خلفية مجزرة الجمعة.
وقدم كذلك مندوب اليمن لدى الامم المتحدة عبد الله الصايدي استقالته من منصبه احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين .
اعلن قادة في الجيش اليمني وسفيران اثنان انضمامهم الى الاحتجاجات المتصاعدة المطالبة بتنحي الرئيس عبد الله صالح، رغم اقالته الحكومة الاحد في محاولة لتهدئة الوضع.
الرئيس اليمني يقيل الحكومة والمحتجون يدفنون قتلاهم
من جهته أقال علي عبد الله صالح الحكومة يوم الاحد مع تصاعد الضغوط في الشارع التي تطالبه بالتنحي. وقالت وكالة الانباء اليمنية الرسمية ان رئيس الجمهورية أقال الحكومة وان جهودا تجري لتشكيل حكومة جديدة. ولم تذكر الوكالة سببا لهذه الخطوة.
ورفض ياسين نعمان وهو رئيس دوري لائتلاف معارض الخطوة واصفا اياها بانها محاولة للحد من العواقب التي يواجهها النظام بعد استقالة عدد من الوزراء والسفراء.
وفي صنعاء بدأ مشيعون يدفنون القتلى في قبور متجاورة بمقبرة صغيرة بالقرب من معسكر للجيش في اليمن حيث شارك الاف المواطنين على مدى عدة أسابيع في احتجاجات على حكم الرئيس صالح المستمر منذ 32 عاما.
لكن الشرطة التي يحملها المحتجون المسؤولية عن قتل الضحايا انسحبت من المشهد العام بالقرب من مناطق الاحتجاجات وحل محلها جنود في زي موحد مموه لكنهم لا يحملون الا عصيا في محاولة لتهدئة التوتر.
وقال محمد الصبري المتحدث باسم المعارضة ان ذلك يمثل اعترافا بفشل الامن في قمع "الثورة" وان الحشود التي خرجت للاحتجاج اليوم تمثل اشارة الى الاستعداد لتقديم المزيد من التضحيات.
واضطرت أحداث العنف التي وقعت يوم الجمعة صالح الذي يكافح للاحتفاظ بالحكم الى اعلان حالة الطواريء لمدة 30 يوما الامر الذي يعني تقييد حرية الحركة والحق في التجمع ويفسح مجالا اضافيا للشرطة في اجراءات التفتيش والاعتقال.
وقال مصدر حكومي ان السعودية كانت تحاول التوسط في هدوء حتى قبل أحداث يوم الجمعة وان الجهود مستمرة.
ووقفت دبابات للحراسة بالقرب من قصر الرئاسة في صنعاء بينما تمركزت مركبات مصفحة أمام المواقع الحساسة.
لكن التوتر في العاصمة تراجع فيما يبدو ونقلت سيارات الاسعاف جثثا ملفوفة في العلم اليمني الى المقبرة. وفي مخيم المحتجين المعتصمين بالقرب من جامعة صنعاء وضع معزون الورود في موقع قتل فيه خمسة محتجين.
وقال شاب من المعزين يدعى وسيم القدسي ان المحتجين لهم هدف واحد وان الثورة تحتاج الى تضحيات وانهم مستعدون لتقديم المزيد من الدماء من أجل القضية.
ويحاول صالح أيضا ترسيخ هدنة في الشمال وقمع حركة انفصالية في الجنوب. ورفض الرئيس اليمني دعوات للتنحي فورا لكنه تعهد بترك الحكم عام 2013 وعرض وضع دستور جديد يمنح البرلمان المزيد من السلطات.
وقال أطباء ان عدد ضحايا اطلاق النار ارتفع الى 52 قتيلا وهو عدد أكبر من الذي أكدته وزارة الداخلية.
وقال محتجون انهم أمسكوا بما لا يقل عن سبعة قناصة كانوا يحملون بطاقات هوية حكومية وقالوا انهم ضالعون في اطلاق النار لكن صالح نفى ذلك وقال ان أعمال العنف ارتكبها مسلحون من المحتجين.
وتعتبر واشنطن اليمن حليفا رئيسيا ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ودعت الولايات المتحدة رعاياها الى تجنب أماكن الاحتجاجات التي يمكن أن تتحول الى أعمال عنف وكانت قد حثت مواطنيها بالفعل على مغادرة البلاد.
ومع استمرار الاضطرابات في أنحاء اليمن قال مصدر في الحكومة ان رجال قبائل أطلقوا قذائف صاروخية على محطة للطاقة في محافظة مأرب يوم الاحد الامر الذي أدى الى انقطاع الكهرباء عن أجزاء من العاصمة وميناء عدن في الجنوب.
وزيرة حقوق الانسان تقدم استقالتها
كما قدمت وزيرة حقوق الانسان في اليمن هدى البان استقالتها من منصبها الحكومي ومن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم احتجاجا على قمع المتظاهرين، بحسب ما اعلنت في بيان.
وقالت الوزيرة ان استقالتها تاتي على خلفية "المجزرة الوحشية" في صنعاء، معتبرة انه "يجب محاسبة كل مرتكبيها وتقديمهم للعدالة".
واعلن رئيس مجلس ادارة وكالة الانباء اليمنية الرسمية ناصر طه مصطفى استقالته على خلفية احداث الجمعة، التي دفعت السفير اليمني في بيروت فيصل امين ابو راس الى تقديم استقالته ايضا. وقدم في شباط/فبراير 11 نائبا معظمهم من الحزب الحاكم استقالتهم من البرلمان.
وتقول منظمة العفو الدولية ان العدد الاجمالي للقتلى منذ بدء التظاهرات ضد النظام بلغ "80 شخصا".
واصدر "علماء ومشايخ" اليمن بيانا حذروا فيه من "الاقتتال الداخلي بين ابناء اليمن، موجهين "التحية الى شباب التغيير الذين اثبتوا رباطة الجأش وحسن التنظيم"، داعين اياهم الى "الاستمرار على هذا النهج".
وادانوا بشدة "المجزرة الجماعية التي تم ارتكابها بعد صلاة الجمعة ضد المعتصمين سلميا امام جامعة صنعاء".
واعتبر العلماء والمشايخ ان "ما تم عيب اسود وفقا للأعراف القبلية"، وحملوا "السلطة ممثلة برئيس الدولة المسؤولية الكاملة عن الدماء التي سفكت"، رافضين "اعلان حالة الطوارئ في البلاد لعدم وجود قانون منظم لحالة الطوارئ".
ودعا البيان الرئيس اليمني الى "الاستجابة لمطالب الشعب"، علما ان المتظاهرين يطالبون صالح الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما بالرحيل عن السلطة.
واعتبر المتظاهرون المعتصمون في صنعاء من جهتهم ان على "السفاح الذي سقطت شرعيته ان يعرف ان اساليبه القديمة التي مارسها في الكذب والمغالطة لا يمكن ان تنطلي على ابناء الشعب اليمني".
واضافوا في بيان موقع باسم "الشباب المعتصمين في صنعاء" تلقت فرانس برس نسخة منه ان "عمليات القمع والإرهاب (...) لن تثنينا عن هدفنا السامي وهو اسقاط النظام بالطرق السلمية".
انضمام القبائل للاحتجاجات
من جهتهم يرقص رجال قبائل في دوائر واضعين الخناجر حول خصورهم في ما يضفي لمسة مبهجة على الاحتجاجات المناهضة للحكومة في صنعاء لكنها بالنسبة للبعض مؤشر على احتمال أن تؤدي الاحتجاجات باليمن الى انقسام البلاد.
في جامعة صنعاء انضم الاف للاعتصام لكنهم لا يمثلون جبهة موحدة اذ يراقب نشطاء يرتدون الجينز والتي شيرت رجال قبائل يجلسون في خيام منفصلة بجلابيبهم البيضاء وأوشحتهم الملونة.
وقال طارق سعد وهو محتج من الطلبة في العاصمة صنعاء "الثورات على مستوى العالم يسرقها دائما اخرون متى تنجح لكن هنا يحاول شيوخ القبائل سرقة الثورة حتى قبل أن ننتصر."
ويخرج عشرات الالاف من المحتجين الى شوارع اليمن بشكل يومي من أجل اسقاط الحكومة التي يعتبرونها فاسدة وغير قادرة على اخراجهم من الفقر المدقع.
لكن الساسة يتوددون لشيوخ القبائل الذين يبحثون عن فرص حياة أفضل بدءا من الخدمات السياسية وانتهاء بادخال الكهرباء ومد الطرق وذلك مع تزايد الضغوط على الرئيس علي عبد الله صالح للاستقالة بعد أن حكم اليمن لمدة 32 عاما. بحسب رويترز.
ويعتبر دور شيوخ القبائل أساسيا لضمان المساندة القبلية الضرورية لحكم اليمن الذي يطل على مضيق باب المندب الاستراتيجي ويمر عبره اكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط يوميا.
وحتى الان تحاول القبائل الحفاظ على الهدوء. لكن التهافت على كسب ولائها قد يثير انقسامات وخصومات جديدة يمكن أن تؤدي الى سفك الدماء لفترة طويلة.
وترد الحكومة بعنف متزايد على الاحتجاجات وقد قتل بالفعل نحو 50 شخصا. ويخشى البعض من تكرار أزمة ليبيا حيث حمل المحتجون السلاح ضد حكم الزعيم معمر القذافي الشمولي الممتد منذ عقود.
لكن الصراع هذه المرة سيكون في دولة رئيسها حليف مهم للولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا له.
ويقول تيودور كاراسيك المحلل الامني بمجموعة (انيجما) في دبي "هنا يكمن الخطر... أن يحدث في اليمن ما حدث في ليبيا... ربما لا يسقط رئيسه وربما يتم تقسيمه بين فصائل متناحرة."
ويقول جريجوري جونسن الباحث المتخصص في الشأن اليمني بجامعة برينستون " يتمتعون بقدر اكبر من الولاء... وهم مسلحون بدرجة يتعذر على الحكومة امامها أن تحتكر العنف."
وأضاف "القبائل هي أجنحة الدولة. اذا ذهبت قبائل مختلفة في اتجاهات متعارضة فلن يستطيع اليمن أن يستمر."
وتجري اشتباكات متكررة بين القبائل بسبب حقوق المياه الى جانب الخلافات العائلية مما يزيد المخاوف بشأن امكانية حدوث اضطرابات لان القبائل دخلت في المواجهة بين صالح والمحتجين. والقبائل اليمنية هي الاكثر تسليحا وبها ثاني اكبر نصيب للفرد من السلاح على مستوى العالم.
ومن بين العوامل التي تبعث على القلق هذا التنافس المتصاعد بين صالح وحميد الاحمر خصمه اللدود. وألقى الاحمر رجل الاعمال الثري والزعيم القبلي الحريص على تسلق السلم السياسي بثقله وراء الاحتجاجات لحشد التأييد.
ولان الساسة يتوددون لشيوخ القبائل بتقديم خدمات خاصة فانهم قد يخلقون حلقة مفرغة من الجشع والاعانات مما سيؤدي الى ظهور مطالب وضغائن لا حصر لها اذا شعرت القبائل بالتهميش.
وجاب الاحمر وصالح البلاد وقدما للقبائل سيارات وأموالا طلبا لولائها. وذكرت بعض وسائل الاعلام المحلية أن العروض تستقطب عددا من رجال القبائل اكبر من المتوقع.
وقال باحث مقيم باليمن من مدونة (يمن بيس بروجكت) "هناك مئات القبائل التي لها مصالح فردية وسيكون ارضاؤها صعبا على صالح او الاحمر... اذا فشل هذا فتوقعوا المزيد من القتال."
وانشق العديد من شيوخ القبائل على صالح بعد شكاوى من أنه لا يقتسم السلطة مع من هم خارج بطانته. في الوقت نفسه ينضم الاف من رجال القبائل الشبان الى الاحتجاجات دون موافقة شيوخهم.
ويجادل ابناء هذا الجيل الشاب من أبناء القبائل بأنهم لا يختلفون عن الطلبة والنشطاء الذين يحاولون انهاء حكم صالح سلميا.
وهم يعانون ايضا من المشاكل الاقتصادية التي يعيشها اليمن ويشعرون بأن زعماءهم لا يقتسمون الثروة التي تدرها عليهم محاولات كسب الولاء.
وقال احسان الحمداني من قبيلة حمدان "انا هنا منذ بدأت الاعتصامات وسأبقى الى أن يسقط النظام." وأضاف "لم أعد أحصل على راتبي منذ أربع سنوات وشقيقي قتل في حرب صعدة (بالشمال). خسرنا كل شيء."
ويواجه اليمن حركتي تمرد تثوران من حين الى اخر في الشمال والجنوب وكان شيوخ القبائل يرسلون أتباعهم لمساعدة صالح على اخمادهما. لكن موارد النفط والمياه التي كان شيوخ القبائل ينالون منها قسطا بدأت تنضب. ويعيش نحو 40 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة على دولارين في اليوم او أقل ويواجه الثلث الجوع المزمن.
وقال الباحث بمدونة (يمن بيس بروجكت) Yemen Peace Project الذي طلب عدم نشر اسمه "القبائل جائعة... القبائل غير موالية لجانب بعينه... هذا يتوقف اساسا على الدعم المالي. المناطق القبلية تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة وسوء تغذية وتجاهل شبه كامل في المشهد السياسي."
ولا تخفف الشكاوى المشتركة من حدة المخاوف التي يشعر بها النشطاء والشبان الذين حولوا التجمعات الحاشدة باليمن الى احتجاجات يومية ويساورهم القلق من اختطاف حركتهم.
لكن رجال القبائل الذين يجلسون مسترخين وينشدون الاغاني القبلية في خيام على مقربة تعهدوا بالحفاظ على الهدوء في الوقت الحالي.
وقال حسين علي من قبيلة مذحج "لن نلجأ للعنف... لكن اذا استخدمت الحكومة العنف فاننا سندافع عن أنفسنا بالطبع."
ادانات دولية
الى ذلك توالت الادانات الدولية المنددة بتصاعد وتيرة العنف وقمع الاحتجاجات السلمية في اليمن ومن اعلى المستويات في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة.
وادان الرئيس الامريكى باراك اوباما اعمال العنف التي وقعت في اليمن داعيا الرئيس اليمنى علي عبد الله صالح الى الوفاء بوعده بالسماح للمظاهرات السلمية. كما دعا الرئيس الأمريكي الى ضرورة تقديم المسؤولين عن أعمال العنف للمحاكمة.
وأكد التزام الولايات المتحدة بمجموعة من المباديء التي تتعلق بحرية التعبير والتجمع بالاضافة الى الحريات السياسية التي تلبي تطلعات الشعب اليمني.
كما شدد اوباما على ضرورة مشاركة كل الاطراف في عملية مفتوحة وشفافة تلبي الطموحات الشرعية لليمنيين وتفتح طريقا سلميا وديموقراطيا ومنظما نحو دولة اكثر قوة واكثر ازدهارا .
بدوره ندد امين عام الامم المتحدة بان كي مون بشدة باستخدام السلطات اليمنية الذخيرة الحية ضد المتظاهرين.
وأكد المتحدث باسم الامين العام مارتن نسيركي قلق الامين العام البالغ حيال استمرار العنف وعدم الاستقرار في البلاد. واشار الى انه يكرر دعوته الى اكبر قدر من ضبط النفس ويذكر الحكومة اليمنية بأنه من واجبها حماية المدنيين.
وشدد المتحدث على تأكيد الامين العام على ان لا بديل للحوار المتعدد الاطراف حول الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في اليمن من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وفي الاتحاد الاوروبي اعربت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد كاثرين اشتون عن الاستياء حيال اطلاق النار على المتظاهرين وسقوط قتلى في صفوفهم. وقالت اشتون في بيان انها تدين من دون اي تحفظ العنف حيال المتظاهرين في اليمن. ودعت الرئيس اليمني الى احترام تعهداته باحترام حق التظاهر السلمي، على ما اعلن في 10 اذار/مارس .
وفي بيان منفصل دعت فرنسا الى انهاء الهجمات التي تقوم بها قوات الامن وجماعات موالية للحكومة... ضد اناس يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتظاهر .
وشجبت بقوة على لسان المتحدث باسم وزير خارجيتها بيرنار فاليرو الهجمات الدامية التي تعرض لها المتظاهرون المعارضون للرئيس اليميني، معبرة عن القلق حيال اعمال العنف الجديدة في الفترة الاخيرة سواء في العاصمة اليمنية وغيرها من مدن البلاد .
واعربت روسيا عن القلق ذاته ازاء اعمال العنف في اليمن داعية اطراف الازمة الى ضبط النفس والى التحلي بالمسؤولية .
وقالت الخارجية الروسية في بيان لها عن الاحداث في اليمن نكرر عدم القبول بالعنف واللجوء الى القوة المفرطة ضد المدنيين وندعو السلطات اليمنية وجميع الفصائل السياسية الى ضبط النفس وتبني مقاربة مسؤولة حيال مصير البلاد .
وكانت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون دعت الى وقف فوري للعنف في اليمن، معربة عن أسفها لما حدث. مشيرة الى ان بلادها تسعى الى التحقق من معلومات افادت ان المتظاهرين قد قتلوا اثر تدخل قوى الامن. واضافت رسالتنا الى النظام ما زالت كما هي: يجب ايقاف العنف، ويجب انتهاج سبيل التفاوض من اجل التوصل الى تسوية سياسية .
غرار ما تشهده ليبيا
ويرى البعض انه قد يدفع استعداد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على ما يبدو للتعامل بعنف أكبر مع الاحتجاجات ضد حكمه المستمر منذ 32 عاما اليمن لصراع على غرار الدائر في ليبيا.
تقول سارة فيليبس من جامعة سيدني ان عملية اراقة الدماء تبين ان الرئيس اليمني لم يعد يملك خيارات كثيرة سوى الضرب بقوة.
واستطردت "أشك في أن يتأثر اي شخص بعرضه الحوار فقد سبق طرحه دون نية صادقة في العديد من المناسبات وهي خطوة تنم عن يأس واضح."
ويصر متظاهرون لا يثقون في صالح وغير مقتنعين بدعوات الولايات المتحدة للحوار على تنحي الرئيس رغم ان احزاب المعارضة المعترف بها قد تسعى لابرام اتفاق.
وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني "افقدت سنوات طويلة من الصفقات خلف الابواب المغلقة بين النظام وتحالف المعارضة المحتجين الثقة في الاثنين. كل ما يريدونه سقوط النظام. "لا يريدون الحوار.. سبق ان خذلتهم نفس النخبة السياسية المشبوهة."
وقدم صالح العديد من التنازلات الشفهية ووعد بالتنحي عام 2013 دون ان ينقل السلطة لابنه وعرض وضع دستور جديد يمنح البرلمان سلطات أكبر فضلا عن الاعلان عن مجموعة من المساعدات لا تتحملها خزانة الدولة. بحسب رويترز.
ولكنه رفض خطط المعارضة لانتقال تدريجي للسلطة هذا العام حتى وهو يفقد شيئا فشيئا الدعم من قبائل ورجال دين اسلامي وساسة كانوا متحالفين معه من قبل.
ويهدد خلاف بين افراد قبيلة سنحان التي ينتمي اليها صالح والذين يهيمنون على المناصب العسكرية والامنية القيادية وابناء حليفه القوي الراحل الشيخ عبد الله الاحمر بتحويل الصراع السياسي لنزاع قبلي.
وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "يثير احتمال الانزلاق لاقتتال قبلي قلق الكثير من اليمنيين. قواعد اللعبة تتغير وتقدم فرصة استثنائية لاصلاح جاد ولكن ايضا لصراع عنيف."
ودعت الولايات المتحدة الى حوار بشأن انتقال سلمي للسلطة تفاديا للانزلاق لصراع على غرار الدائر في ليبيا.
ولكن الارياني يقول ان الدعم الامريكي والاوروبي لعروض صالح الاخيرة يشير الى "ثقة في نوايا النظام في غير محلها" جاء بنتائج عكسية وربما شجع الرئيس على استخدام القوة.
ولم يخضع صالح (68 عاما) اليمن لنفس الدولة البوليسية الوحشية التي حكمت مصر وتونس وفضل استمالة خصومه واتاحة بعض المجال للمعارضة والاغداق بالمال والمزايا على القبائل المهمة والصفوة من قوات الجيش والامن. ورغم ذلك يشعر بانه محاصر وربما يقرر استخدام المزيد من القوة.
وقال الارياني ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ينبغي ان يحذرا صالح بوضوح من ان من شأن ذلك ان يقود لعقوبات مماثلة لما فرض على ليبيا.
وقالت فيليبس ان عضوا بارزا واحدا على الاقل من قبيلة سنحان التي ينتمي اليها صالح اعلن دعمه للمحتجين مما يهدد تماسك الدائرة الداخلية المحيطة به.
ومضت قائلة "مع تصدع واضح داخل الدائرة من الصعب ان ترى كيف يمكن ان تستمر قيادته لفترة اطول على الاقل دون دعم خارجي هائل ووحشية كبيرة."
ولا يزال بوسع صالح ان يعتمد على دعم بعض رجال القبائل والمستفيدين من حكمه واستغلال ما وصفه تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "بمعين لا ينضب من الشرعية السلبية في ظل غياب زعيم بديل واضح ويتمتع بشعبية."
ولكن حكومته فشلت في تلبية الاحتياجات الاساسية لمواطني اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة مع تراجع ثروة النفط وموارد المياه حيث يعيش اكثر من خمسي اليمنيين في فقر.
وتصل نسبة البطالة الى 35 في المئة وترتفع الى 50 في المئة في الفئة العمرية بين 18 و28 عاما حسب بيانات الامم المتحدة.
وذكرت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان اي تسوية تتطلب ان ينفذ صالح اصلاحات بعيدة المدى. كما ينبغي ان تخشى المعارضة ونشطاء المجتمع المدني "خطر الضغط بدون وجود تسوية او حوار من اجل تغيير فوري للنظام" مما قد يقود الى الدخول في دائرة عنف.
وقالت بولين بيكر رئيسة صندوق السلام ومقرة واشنطن ان الهجمات على مخيمات المحتجين المعتصمين في صنعاء يوم الاحد لم يكن رمزيا "بل مقدمة لما يمكن ان يأتي بما في ذلك نوعية القمع الوحشي الذي لجأ اليه (الزعيم الليبي معمر)القذافي." والبديل للتسوية السياسية رهيب.
وقالت بيكر "اليمن من أضعف الدول في المنطقة واذا استمر العنف ستكون النتيجة انهيار الدولة وليس فقط تغيير النظام."

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم