تلتهب منطقة الشرق الاوسط بالانتفاضات الشبابية المتواصلة، وتتسارع الاحداث في عدد من الدول العربية، فقد تساقطت عروش عتيدة بصورة دراماتيكية، وأخرى ستسقط تباعا كما تشير الواقائع الساخنة في ليبيا، واليمن، والبحرين، وسوريا وغيرها.



قادة هذه الانتفاضات ومؤسسوها، هم الشباب الواعي، لينتقل هذا الوعي الى عموم الشرائح الاجتماعية، ويبقى السؤال هنا، أين المثقف مما يحدث، وما هو دوره، ولماذا يتردد المثقفون، عن اتخاذ الموقف الذي يليق بهم، وبالثقافة التي غالبا ما كانت المحرك الاهم، الذي يدفع بالاحداث نحو كفّة الصالح العام؟
ثمة من المثقفين من لايعي دوره بالضبط، ولايعرف حجم المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتقه، عندما يبدأ ويتأجج الصراع بين الحاكم المتعنت والمحكوم المقاوم دائما، والسبب ربما قلة الاطلاع على دور الثقافة والمثقفين، في الارتقاء بالشعوب التي حسمت الصراع بين الحاكم والمحكوم لصالح الأخير، بقيادة مهمة من الفكر والثقافة والمثقفين، كذلك عدم تقدير الدور المناط بالمثقف ومدى حجمه وخطورته.
وثمة من يتراجع عن موقفه المسؤول، حيال الصراع بين السلطة والشعب، بسبب مصالحه التي لاتتجاوز امتيازات المنصب، والاجر الشهري، وبعض الأفضليات التي لا تستحق أن يضحي المثقف من اجلها بدوره الحقيقي، في مواجهة الظلم والقمع السلطوي، بعضهم يرى ويعتقد بأنه محكوم بالعائلة، ومتطلبات الحياة المعروفة، وغالبا ما يلجأ مثل هؤلاء الى الاسلوب التبريري، الذي يقدم مصالح العائلة واحتياجاتها، على مصالح الشعب أجمع ومصيره المحفوف بالخطر الجسيم، عندما يكون الصراع بين سلطة قامعة، مستأسدة، لاتريد أن تحترم حقوق الشعب وحرياته، بل ترى في الحريات شيئا كماليا، لاينبغي للشعب أن يحصل عليه، ولا تعترف بأحقية الشعب، في التنعّم بأجواء الحرية والحياة الحرة الكريمة، ويذهب بعض الحكام الى إعلان الأبوّة، على جميع أفراد الشعب، وكأنه يصرف من جيبه الخاص على الرعية، في حين أن الثروات التي تمتلكها الشعوب، فيما لو تم التعامل معها بعدالة من لدن السلطان، ستحقق الرفاهية للجميع من دون منّةٍ لهذا الحاكم أو ذاك.
وفي كل الاحوال، ليس هناك أسباب حقيقية كبرى، تقف وراء تردد او تراجع المثقف عن اتخاذ الموقف الصحيح في الاصطفاف الى جانب الشعب، واذا توافرت مثل هذه الاسباب فإنها ستكون صغيرة الحجم والتأثير، إذا ما قورنت مع مصير الشعب، لذلك حين اصطف بعض المثقفين الى جانب الحكام في المراحل السابقة، أو في انتفاضات تونس ومصر وليبيا والبحرين وسوريا وغيرها، فإنهم بذلك ألغوا دورهم الكبير في دعم الجماهير العريضة واهدافها ومطالبها، وكم كان من المعيب ان يصرّح بعض المثقفين علنا، بأنهم ضد هذه الانتفاضات، كما حدث في مصر أو تونس او البحرين مثلا، وكلنا تابعنا التصريحات المخزية لبعض الفنانين المصريين المنتمين (الى الثقافة) وهم يدعون الى رفض الانتفاضة، ومساندة الرئيس السابق حسني قبل خلعه، وحجّتهم في ذلك الوقت (قبل خلع الحاكم) بأنهم ضد الفوضى وما شابه من تبريرات، لا ترقى قط الى المواقف المشرفة، التي اتخذها غيرهم من المثقفين في دعم الانتفاضة المصرية، وغيرها من الانتفاضات، التي لاتزال متأججة هنا وهناك، ويعرف الجميع، خاصة طبقة الحكام القمعيين، بأنها لن تتوقف حتى تقتلعهم من عروشهم.
لهذا فإن المثقف ينبغي أن يتصدر الآخرين، في مقارعة الحكومات القمعية، وأن يعلن موقفه بوضوح الى جانب الشعب، وأن لايسمح لنفسه، بمقارنة مصالحه الفردية، والعائلية الصغيرة، مع مصالح شعبية واسعة ومصيرية، وهذا هو الدور الحقيقي والمناسب للمثقف وللثقافة عموما، أما إذا أراد المثقف أن يضع نفسه، وصوته، الى جانب السلطان، فهو لاينتمي الى المثقفين الحقيقيين حتما، كما أن الثقافة المسؤولة براء منه، وهنا سيتحول الى مثقف سلطوي، يرعى القمع، ويقبل به، ويبرره، لأنه يحفظ له مصالحه، وحينئذ لايمكن أن ينتمي مثل هذا المثقف (المصلحي/ السلطوي) الى الثقافة الأصيلة، ولا الى المثقفين الأصلاء، أصحاب المواقف المعارضة للسلطات القمعية.

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم