ويكيليكس العربية

تناقلت العديد من وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر استخباراتية أميركية قولها إن حكومة نوري المالكي في العراق تعمل على التحايل على العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران.


طبعا التقرير الذي نشرته الصحيفة الأميركية، لم ينشر سوى جزء من الحقيقة، هذه الحقيقة التي لو سألت عنها أي عراقي من الشمال إلى الجنوب، لزودك بمعلومات تفوق مئة مرة المعلومات التي نشرتها الصحيفة الأميركية بل وأكثر دقة مما ورد في تقريرها.

لا أستغرب مساعدة حكومة بغداد لإيران، ومحاولتها الدائمة لإنقاذ السيد وليس الحليف في طهران، وكنا كتبنا قبل عدة أشهر مقالا عن مهمة حكومة بغداد في الدفاع عن النظامين، وكتبنا قبله آخر عن آلية مساعدة حكومة بغداد لنظام طهران وبالتفصيل.

الغرابة كل الغرابة أن يأتي تقرير الصحيفة الأميركية وكأنه كشف وسبق صحافي في بلاط سيدة الجلالة، أن يأتي وكأن واشنطن التي لم يمض على مغادرة قواتها العراق سوى أشهر قليلة، علمت الآن بأن حكومة بغداد تساعد نظام إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على طهران.

إن كل ما جاء في تقرير الصحيفة الأميركية لا يعدو أن يكون قمة جبل الجليد الغاطس في وحل التآمر على الشعب العراقي، فلقد قامت حكومة بغداد خلال الأشهر القليلة الماضية بإنشاء، ليس مصرف إيلاف المتهم حسب الصحيفة الأميركية، وإنما مجموعة مصارف صغيرة، لا تعدو أن تكون دكاكين مصرفية، هدفها الأساسي مساعدة إيران.

بل الأكثر من ذلك، وهو ما أشرنا إليه في مقالات سابقة، قامت إيران بعمليات شراء واسعة للدولار من العراق بعلم وتنسيق بين حكومة بغداد وتجار صغار عراقيين، والأدهى والأمر أن إيران كانت تشتري تلك العملة الصعبة من العراق بأموال عراقية مزورة.

وأتذكر جيدا عندما كنت في بغداد قبل عدة أشهر، كيف أن الباعة كانوا يتحرجون من أخذ عملة الـ10 آلاف دينار عراقي، لأنهم كانوا يقولون لك إن هناك كميات كبيرة من هذه العملة دخلت العراق عن طريق إيران. طبعا، وهو أيضاً متوقع، سارعت حكومة المنطقة الخضراء إلى نفي مثل هذه التهم، وقالت على لسان ناطقها الوفي الأمين، علي الدباغ إن حكومته لا تنوي الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، دون أن ينفي وجود علاقات جيدة مع إيران لا تريد حكومة بغداد قطعها.

الأكثر من ذلك، أن هناك تقارير مفصلة نشرت في العديد من وسائل الإعلام العراقية، عن قيام وزارات عراقية بعمليات شراء واسعة لمواد وبضائع داخلة ضمن الحظر الدولي، لصالح إيران، حتى وصلت قيمة أحد هذه العقود إلى نحو 3 مليار دولار.

لا يمكن بأي حال من الأحوال التسليم بأن حكومة بغداد لا تعلم بهذه المشتريات وهذه الصفقات، فهي أساسا المنسق لكل ذلك، وهي من يقف وراء عمليات تمويل كبرى لإيران، وصلت حد بيع النفط نيابة عنها، حتى تجاوز العراق صادرات إيران النفطية اليومية.

ولعل إدارة أوباما علمت بأن حكومة المالكي سهلت عبور طائرات الإمداد والنقل الإيرانية إلى سوريا عبر العراق، حتى اضطر أوباما إلى مخاطبة المالكي بضرورة وقف مثل هذه العمليات. كل هذه المساعدات العراقية لإيران، جاءت طبعا على حساب المواطن العراقي البسيط، فلقد ارتفع سعر الدولار بشكل كبير، كما انشغلت العديد من وزارات حكومة المالكي بتأمين حاجات إيران الأساسية متناسية مهمتها الرئيسية في دعم المواطن العراقي البسيط.

ليس مستغربا أن تقوم حكومة بغداد بمساعدة إيران، فهي بالنهاية تتعامل مع إيران معاملة العبد مع سيده، وهي تدرك جيدا أن حكومة طهران قادرة على خلع كل المسؤولين العراقيين من كراسيهم بتليفون واحد فقط. الغريب كل الغرابة هو أن تدعي واشنطن أنها لم تكن تعلم بكل تحركات حكومة بغداد في دعم جاريها، إيران وسوريا، وتدفع لنا بتقرير صحيفتها، وكأنها اكتشفت أسدا بابليا جديدا في تلال سامراء.

لا أومن بنظرية المؤامرة، غير أني وببساطة جدا، أرى أن هناك مؤامرة ومؤامرة كبيرة جدا تحاك خيوطها حول المنطقة، مؤامرة متورطة فيها أميركا وإيران، فلا العراق يراد له أن يستقر عبر حكومة وطنية تعبر عن تطلعات شعبه، ولا سوريا يراد لشعبها أن يتخلص من طاغيته، إلا بعد أن تنهك، حتى لا تتمكن هي الأخرى من النهوض مجددا.

أما إيران، فيبدو، ومن كثرة التصريحات التي تحدثت عن هجوم إسرائيلي أو أميركي وشيك على مفاعلها النووي، والتي مضى عليها نحو خمسة أعوام، فإنها الوحيدة التي يجب أن تبقى قوية في المنطقة، بعلم ودراية وتخطيط وعون أميركي إسرائيلي. فعذراً ربما خيوط هذه المؤامرة أكبر من خيالاتنا، ولكن قد تكون هي الحقيقة التي ستتكشف عنها الصباحات القادمة.

مشاركة العضو / زاهي

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم