ويكيليكس العربية

كفانا ادعاء وكفانا تكاذبا وكفانا استغباء، فاللعبة مكشوفة على أرض الواقع في الشرق الأوسط "بحسب المسمى"، و"ربيع الدم العربي" يفضح الأجندات ولا يسترها، والمآلات والنهايات باتت أكثر انكشافا من أي وقت مضى، وأمريكا لم تعد حليفا للأنظمة في الخليج العربي كله، لأن الرهان اليوم حسب استراتيجيتها الجديدة في الشرق الأوسط هو على تحريك الشعوب لقلب الأنظمة، حتى تلك المستقرة والسائرة في طريقها الديمقراطي الطبيعي كالبحرين لا يراد لها الاستقرار، لأن صاحبة الجلالة الأمريكية تريد وجود صراع جديدة في المنطقة، تتغير من خلالها أصول اللعبة القديمة كلها.


فحين يأتي "الاخوان المسلمون" مثلا حسب وجهة نظرها ليحكموا البلاد العربية، فإنها تكون قد وصلت إلى تحقيق "الثورة المضادة" التي تريدها في تلك البلدان وفي المنطقة، ولكن من خلال إحكام القبضة عليها وعلى صانعيها، بدل أن تسوح حرة وتصوغ لاحقا أبجدية عدائها لأمريكا أو لإسرائيل كما هي مبادئها، وفي ذات الوقت تحتوي قادة هذا "الإسلام السياسي" في العالم العربي، وتدجن من تستطيع تدجينه، وتخلق من خلال وجودهم في السلطة وبدعم مسبق من جانبها لهم، مفردة صراع جديدة، تثير التيارات الأخرى والطوائف غير المسلمة، "


وبذلك تتحرك ماكينة الصراعات والفتن والفوضى" التي تجيد الولايات المتحدة، اللعب على خيوطها بجدارة، في تلك المجتمعات التي حسب الظاهر حققت ديمقراطيتها وما يريده الشعب، وفي ذات الوقت تكون أمريكا قد مسكت بتلابيب من يصل إلى الحكم، وإلا فإن الشعب الذي أسقط النظام سابقا بإمكانه وبتحريك خارجي متقن أن يقوم بذات العملية مرة وأكثر من مرة حتى تستتب الامور حسب الرؤية الأمريكية.

في الخليج العربي حيث العامل الشيعي هو "حصان طروادة" القابل للعب على كيانه لتغيير الأنظمة، فإن اللعبة مزدوجة هنا، فهي من جهة "أمريكية" ومن جهة أخرى "إيرانية"، و"الحلفاء القدماء" بالإمكان التضحية بهم بسهولة، إذا ما تعاضدت القوتان لإحداث التغيير، عبر فتح الشهية الطائفية للاستحواذ على السلطة، وبالنسبة إلى أمريكا المسألة تستحق المجازفة، فهؤلاء جميعهم سيكونون أتباع مرجعية واحدة آمرة، 

ومع تلك المرجعية الأم يسهل التفاهم واللعب السياسي، فقد تم تجريب ذلك في العراق مع "السيستاني" والـ200 مليون دولار كما جاء في مذكرات "رامسفيلد" بعد احتلال العراق، وكيف عملت المرجعية على تحييد الموقف الشيعي من محاربة الاحتلال، وحيث الولايات المتحدة مقتنعة كما يبدو بأن المرجعية تلك تخلو أدبياتها من عنصر "الجهاد".

كما أن الطرف الايراني أثبت أنه يعرف كيف يلعب مع الغرب وكيف يأخذ ولا يعطي، عكس الأنظمة الخليجية التي تعطي ولا تأخذ أو ليس لديها متطلبات كثيرة أو شره في الهيمنة أو الظهور كمنافس للغرب في الطمع في البلدان الأخرى، ولا بأس في مثل هذا الطريق الجديد أو الاستراتيجية الجديدة التحالف المؤقت مع إيران التي لا تمانع بدورها وتعتبر أن الثور الأمريكي قد وقع في يد الفلاح الإيراني، 

وأن يتم إطعام التابعين للمرجعيات أو المرجعية الأم وأن يتم تدريبهم على شعارات الديمقراطية والإصلاح والتغيير، فإن جاء الوضع غير موائم للتغيير بتلك الشعارات الزائفة، فلا بأس من العنف والإرهاب ودعمهما في السر أو في العلن، المهم هو "حدوث التغيير وإسقاط الأنظمة" فالمرشد الأعلى في طهران على عجل من أمره أكثر من الاستعجال الأمريكي، بحدوث الفتنة وإراقة الدماء وخلخلة الأوضاع بشكل كامل.

ولربما ما يحدث اليوم في سوريا كان خارج السياق المرسوم لدول المنطقة، وللقمر الشيعي المكتمل وللبحرين الكبرى، حسب هذا أو ذاك، ولذلك فليبَد الشعب السوري عبر المذابح والمجازر لعل وعسى أن يكون بإمكان النظام البقاء، رغم كل ذلك، وفي ذات الوقت فإن الفوضى أو الحرب الأهلية في سوريا مطلوبة في حد ذاتها "أمريكيا" وهي تكتفي حتى الآن بذلك، لأن التحالف الأمريكي- الإيراني فيه خطوط تتقاطع وأخرى تتوازى وأخرى تتنافر، وهكذا أيضا تدور عجلة الصراع الماسونية في العالم كما يشتهي سادتها، وكما يعتقد الإيرانيون أن بإمكانهم السيطرة على الثور الأمريكي الجامح وقت اللزوم.

البحرين والخليج هما بؤرة استقطاب اليوم، وبؤرة صراع غير محسوم، في اتجاه ما يريده المشروع الأمريكي أو الإيراني، فقد فشل الحراك الانقلابي الطائفي في البحرين على غير توقع، ودخل اليوم مضمار الإرهاب المنظم والممنهج، فيما الوجوه الانقلابية مستمرة في مسرحيتها المملة وهي تتباكى يوميا على "قناة العالم" وغيرها، وتخطب ود "الإخوة" في المكونات الأخرى، لعلهم ييسرون لها أمر محاولتها الانقلابية القادمة، وبذلك تتحقق مطالب الديكتاتوريتين الأمريكية والإيرانية، فكلتاهما ترسم الخريطة الظلامية للبحرين، 

وكلتاهما تمد ذات العناصر المشتركة بينهما لتنفيذ تلك الخريطة، وبعدها لا يهم إن كان المستقبل البحريني مظلما، وإن كان مفتوحا على الاحتراب والاقتتال الطائفي أو على الإبادة الجماعية للمكون الرئيس كما حدث ويحدث في العراق، وفي سوريا، وغيرهما، فذلك أفضل لأن خريطة الصراع والفتنة هي المطلوبة في نهاية الأمر، ولتذهب البحرين كوطن وكشعب وليذهب الخليج كله قربانا للشعارات الطنانة مثل الديمقراطية والحريات، وكما حدث تماما بالنسبة إلى العراق أيضا، ليكتشف الشعب بعد فوات الأوان إلى أي مهلك قادته تلك الشعارات الزائفة، فلا معنى لشيء بعد فقد الوطن وفقد الحياة.

مشاركة الدكتور / مروان البار 
عضو منظمة الحقوق الدولية في الامم المتحدة

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم