ويكيليكس العربية

جوزيف ريموند مكارثي (14 نوفمبر 1908 – 2 مايو 1957) نائب جمهوري بالكونغرس الأمريكي من ولاية ويسكنسن في الفترة ما بين عام 1947 إلى عام 1957. مع بدايات عام 1950 أصبح مكارثي من أشهر الشخصيات العامة في فترة بلغت فيها شكوك المعادين للشيوعية أوجها لتأثرهم بالتوترات الناتجة عن الحرب الباردة وقد ذاعت شهرته نتيجة ادعائه بدون دليل أن هناك عدد كبير من الشيوعيين والجواسيس السوفيت والمتعاطفين معهم داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية وفي النهاية أدى نهجه إلى ضعف مصداقيته وتعنيفه رسمياً بواسطة مجلس الشيوخ الأمريكي. ظهر مصطلح المكارثية عام 1950 في إشارة إلى ممارسات مكارثي وتم استخدام هذا المصطلح بعد ذلك للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجة ضد المثقفين.


“الخوف”، بهذه الكلمة الواحدة لخص هارولد ايفانز رئيس التحرير السابق لجريدة “تايمز” البريطانية فترة المكارثية في أميركا. وقال ايفانز ان جوزيف مكارثي “اخاف الاميركيين خوفا حقيقيا. لا يصدق الاميركيون اليوم، بعد خمسين سنة، كيف اخافهم مكارثي”.

“حملة الخوف” التي قادها مكارثي استمرت خمس سنوات (1950ـ1955) بسبب ما اسماه “الخطر الشيوعي” على اميركا، ظلت آثارها حاضرة على المشهد السياسي والثقافي الأمريكي لأطول كثيرا من 5 سنوات، فهي دفعت العشرات من المثقفين والفنانين والكتاب الاميركيين الى الهجرة او الانزواء بعيدا عن خطر الاعتقال، ذلك ان حملة مكارثي خلطت بين الخطر الحقيقي (الاتحاد السوفيتي و مدرسته الشيوعية) وبين اليساريين والليبراليين والنقابيين الذين يريدون اصلاح ظروف العمل في اميركا، وتقليل الفوارق بين الطبقات، وتحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وجود العمالة والخيانة والعمل الاستخباراتي في أي بلد من بلدان العالم طوال التاريخ الحديث للبشرية هو أمر لا ينكره عاقل. تعتبر مرحلة الحرب الباردة (1947–1991) من أبرز المراحل البشرية التي نما فيها العمل الاستخباراتي على المستوى الدولي وتطور بشكل سريع وواسع. الباحثون والمهتمون بهذا الشأن قتلوه بحثاً وتمحيصاً ودراسةً وأنتجوا العديد من المقالات والأبحاث والدراسات والكتب والبرامج والأفلام التوثيقية والسينمائية. يعتبر جوزيف مكارثي متطفل كارثي على هذا المجال عندما مارس التهويل والتحقيق والمتابعة بنفسه وحرض الشعب معه وهو رجل سياسة وليس رجل أمن متخصص. لو كُتب لمكارثي النجاح واستمر في مشروعه سنوات أخرى، واستسلم له خصومه، وصمت من ظنوا أنه لم يقصدهم، لدمر بلده الولايات المتحدة الأمريكية ولما تسيدت العالم بعد ذلك.

جوزيف مكارثي كان يوحي للجميع بأنه ينطلق من منطلق خوفه على المجتمع الأمريكي ولكنه في الحقيقة كان يسعى لترسيخ حزبه الجمهوري في الكونجرس لسنوات طويلة والعمل على الوصول إلى البيت الأبيض الذي كان في يد خصومه الديمقراطيين في وقتها.

ويكيليكس العربية

مؤخراً قرأنا وسمعنا وشاهدنا بعض المكارثيين السعوديين يحترفون التخوين والترهيب لكل من يطالب بالإصلاح السياسي وكأننا نرى جوزيف مكارثي وقد انبعث من قبره من جديد! يكرر هؤلاء المكارثيين أن وطننا السعودي هو وطن مستهدف! وبالتالي على الجميع الصمت والتوحد على رؤية وموقف انتقوه لنا بوصاية عجيبة! و
السؤال الصحيح والمنطقي هو: هل هناك بلد غير مستهدف؟

فجميع البلدان والمجتمعات مستهدفة من قبل بلدان ومجتمعات أخرى أو مستهدفه من داخلها. بعض أشكال الاستهداف والحروب تشمل :

الاستهداف الأمني والصريح والمباشر : كما في حالة الحروب أو الإرهاب (السودان، إيران، العراق، اليمن، لبنان، فلسطين، السويد، أمريكا، اندونيسيا، كوريا الشمالية والجنوبية، دول أفريقية كثيرة،..)

الاستهداف الإقتصادي : مثلما يحصل في حالة التنافس الشديد بين دول الإتحاد الأوروبي من ناحية، وبينها وبين أمريكا والصين من ناحية أخرى، وبين الصين وأمريكا كذلك. التنافس الشديد بين منتجي النفط في أوبك مع بعضهم البعض من ناحية، وبينهم وبين الدول المستهلكة.

الاستهداف والتنافس المحموم بين اليابان والصين وماليزيا وتايوان وسنغافورة .

الاستهداف على موارد المياه : مثلما هو الحال بين مصر والسودان ودول أفريقية، وتركيا والعراق وسوريا،.

الاستهداف الإعلامي : فكما أن هناك قناة الحرّة الأمريكية، يوجد هناك قناة روسيا اليوم بالعربية، وقناة الصين الإخبارية بالعربية، وقناة فرانس 24 بالعربية، وقناة بي بي سي بالعربية، وقناة دويتش فيليه الألمانية بالعربية. ولكن يوجد كذلك قناة CNN بالإسبانية والصينية واليابانية والتركية، وقناة فرانس 24 بالإنجليزية، وقناة روسيا اليوم بالإنجليزية والإسبانية، أما قناة دويتشه فيله فتبث بثلاثين لغة عالمية. ونحن لدينا قنوات إسلامية بالإنجليزية تدعم من قبل تجار ورجال أعمال سعوديين تستهدف شعوب البلاد الأخرى كبريطانيا وأمريكا. ولدينا مؤتمرات دعوية وفكرية إسلامية تقام في الدول الغربية والشرقية لغزو المجتمعات الأخرى فكرياً. العالم أصبح قرية صغيرة والقنوات ووسائل الإعلام أدوات قوية لا تتوانى كل دولة تحترم ذاتها وترى لديها طموح مشروع في أن تستغلها وتستخدمها كأداة للوصول لأهدافها.

ويكيليكس العربية

هذا التنافس الشديد والاستهداف لم يمنع المجتمعات الواعية من الاقرار بالتعددية الفكرية والسياسية داخلها واعتمادها كثابت من ثوابت أوطانها حتى في أشد المحن :

لم يقم علي عزت بيجوفتش في وسط سعير حرب التحرير البوسنوية بتقييد الإعلام والصحف البوسنوية، ولم يقم بتكبيل أفواه منتقديه من سياسيين ومثقفين وكتّاب على الرغم من هجومهم الشديد عليه وإتهامهم له بأنه قائد فاشل في وسط أتون المعركة.

ولم تقم كوريا الجنوبية بتعطيل الحياة السياسية والأحزاب والمجتمع المدني وتكميم الأفواه وتخوين المعارضين وإجبار الجميع على وحدة فكرية موهومة بحجة الخطر الدائم المحدق من جارتهم كوريا الشمالية.

ولم يقم الكيان الصهيوني بإلغاء الحياة السياسية الديمقراطية (يهودياً) والأحزاب والمؤسسات بحجة أنهم مستهدفين من قبل العرب! منذ أن قام الكيان الصهيوني وهو مستهدف ومع ذلك استطاع أن يحقق تقدم علمي مرموق بين العالم!
ولولا الإرهاب الذي ضرب عدداً من الدول لما أجبر بعض حكوماتها على عمل بعض التغييرات والسياسات لمقاومة الإرهاب وتسبب ذلك في التنازل عن بعض حريات أفراد بعض المجتمعات.

أما دول مثل كوريا الشمالية والصين وإيران وسوريا ومصر وتونس (قبل الثورات) فهي تقوم بشبه تعطيل الحياة السياسية وتقليص سقف حرية التعبير ومحاولة إجبار الناس على وحدة مزعومة بحجة الخطر الدائم المحدق. في هذه البلدان يقمع أي صوت غير صوت الأغلبية أو من يعتقد أنه الأغلبية بسبب سطوته القاهرة.


أما عندنا، فكلما فُتح الحوار حول ملف الإصلاح السياسي وقدمت المطالبات، نجد الحجة والشماعة التي أمامنا هي أن الوضع حرج ووطننا مستهدف. منذ أن ولدنا ونحن نسمع هذه الحجة. الحالة الوحيدة التي سينتهي الاستهداف لنا هي عندما تصعد جميع شعوب العالم لكواكب أخرى ونبقى نحن وحيدين هنا على سطح هذا الكوكب!

أي دولة تتلكأ وتقاوم الدخول في عملية إصلاح سياسي بشكل جدي وملموس بحجة أنها مستهدفه، هي تعترف بشكل غير مباشر بأنها لا تثق في مواطنيها ومجتمعها، وفي نفس الوقت هي دولة تعترف بشكل غير مباشر أنها تخاف، وفي عالم اليوم لا مكان للدول الخائفة المترددة. أما المكارثيين الجماجمة عندنا فسيلعنهم التاريخ كما يُلعن جوزيف مكارثي وهو في قبره اليوم .

مشاركة العضو / الطالب المبتعث فواز العجمي

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم