موقف السعودية الجديد من سورية نفاق ام مخاوف من تكرار الدرس العراقي وعودة ايران 
فيسك : يدا الرئيس ملوثتان بالدم ولا رجعة للوراء.. وحلب لن تنتفض فلديها كل شيء

لندن / اصبح الرئيس السوري بشار الاسد شبه معزول عربيا ودوليا بعد سلسلة من التحركات العربية المتأخرة والدولية التي اكتشفت بالشجب وفرض بعض العقوبات على بعض رموز النظام السوري.
وعزلة الرئيس السوري من داعميه العرب تضعه امام عدد من الاستحقاقات بعد ان تجاوز عدد القتلى في التظاهرات السلمية وتمشيط المدن السورية لالفي قتيل.
ولم يتوقع الرئيس السوري ولا اي من الحلفاء ان يكون مصير النظام على المحك بهذه الصورة، فعلى خلاف مصر التي وقف فيها الجيش الى جانب المتظاهرين وتونس التي رفض الجيش اطلاق الرصاص على المتظاهرين فالجيش السوري حافظ على تماسكه ولم يتفكك كما في الحالة الليبية وعمل على حماية النظام وهو الذي قام، او قواته الخاصة، بكل العمليات والتنكيل في المواطنين وحصار المدن والقرى وقصفها. ومن بين ردود الافعال العربية المتأخرة والتي استدعت الانتباه الموقف السعودي ورسالة الملك عبد الله بن عبد العزيز على قناة 'العربية' السعودية التي استنكر فيها العنف. وقامت الحكومة السعودية باستدعاء سفيرها في دمشق للتشاور، واهمية الرسالة السعودية انها تتعلق بمخاوفها من التأثير الايراني في المنطقة وترتيبات ما بعد رحيل النظام، خاصة ان حزب الله لم يدعم الانتفاضة السورية دعمه للانتفاضات العربية في كل مكان، والتزم الحزب المدعوم من ايران وسورية بالرواية الرسمية عن الاحداث.
موقف مهم
ومن هنا ترى صحيفة 'الغارديان' في افتتاحيتها ان الموقف السعودي مهم لان الرياض واعية بشكل تام لمواجهة التأثير الايراني على نظام ما بعد الاسد. وتقول الصحيفة ان الاسد حتى فترة قريبة تجاهل الاحتجاج الدولي على تصعيد الاحداث والدم في سورية، حيث قام جيشه بحصار المدن الكبرى، فيما لم يستمع الاسد لنصائح القوى في المنطقة والتي لها حدود مع سورية وهما تركيا والسعودية. وتقول الصحيفة ان السعودية وسورية كانتا على خلاف دائم، منها ما صرح به الاسد بعد حرب لبنان ووصف الحكام العرب بأنهم 'اشباه رجال'، ولان سورية كانت معبرا للاسلحة الايرانية التي كانت تنقل لحزب الله في لبنان، فيما كانت السعودية تدعم وبشكل هادئ عناصر من المعارضة اللبنانية. واللافت للانتباه في الشجب السعودي انه جاء علنيا وعبر التلفاز من دولة يعرف عنها ادارة اعمالها ودبلوماسيتها بشكل سري.
وتقول الصحيفة ان مع الموقف السعودي والكويتي والبحريني، ودعوة مجلس التعاون الخليجي للانعقاد فان سورية تواجه امكانية مواجهة عزلة دولية خاصة بعد تصريحات الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، ومعها من مصر تحذيرات شيخ الازهر الشيخ احمد الطيب. وتضيف الصحيفة ان الموقف السعودي مهم لان الدولة وان كانت عضوا مرشحا للربيع العربي ودفعت مليارات من الدولارات لتجنبه، لكن موقفها يتناقض مع مواقف اخرى، ففي كل الانتفاضات العربية وقفت مع او صمتت عن الحكام العرب المخلوعين، فقد ارسلت قواتها لحماية العائلة الحاكمة في البحرين، ومنحت زين العابدين بن علي لجوءا فارها، وكذا قدمت العلاج والنقاهة للرئيس اليمني الذي تعرض لمحاولة اغتيال، كما انها عبرت عن غضبها من امريكا لتخليها عن حسني مبارك وعن المعاملة التي تعرض لها ومحاكمته الاخيرة.
وترى الصحيفة ان الموقف السعودي مهم لانه ليس عن دعم ومنح صوت للجماهير المنتفضة في سورية ولكنه عن مواجهة التأثيرات الايرانية في المنطقة. ويبدو ان السعودية تعلمت من درس الاطاحة بصدام حسين عندما دعمت كغيرها من دول الخليج الغزو لتكتشف ان الرابح الوحيد من الغزو هي ايران التي عززت من مصالحها وتاُثيرها على الشيعة العرب في العراق الذين اصبحوا جزءا من مدارها.
خطوات متأخرة
وتختم الصحيفة ان الاسد التي حاصرت قواته رابع مدينة وخامس مدينة بالنسبة لعدد السكان، حماة ودير الزور اعلن عن سلسلة من القرارات ومنها ما جاء على لسان وزير خارجيته وليد المعلم عن الانتخابات التي ستعقد في نهاية العام الحالي، وعزله لقائد الجيش الذي يعتبر رمزا مهما في النظام، سيكتشف ان خطواته جاءت متأخرة.
وتضيف ان بشار الاسد يكتشف انه لا يعيش في نفس الجو المعزول الذي سمح لوالده ان يجرف مدينة حماة قبل ان تصل الاخبار الى بيروت. فصور القتال متوفرة على وسائل الاتصال الاجتماعي، والزمن لم يعد بعيدا قبل ان تمتد الانتفاضة الى دمشق وحلب. والموقف السعودي الواضح يمنح الشائعات التي انتشرت عن قيام السعودية والكويت والامارات بتمويل عناصر في المعارضة السورية. وعلى الرغم من التصريح السعودي فموقف الرياض يظل متحفظا لانها لا تدعم تغيير اي نظام لا في دمشق ولا غيرها.
ووجه التحفظ ان الملك وضع الرئيس بين خيارين اما الفوضى او الاستقرار من خلال الاصلاح. وتظل تصريحات الملك محاولة سعودية لدفع الانتقادات عن البلد لصمتها على الانتفاضات العربية ومواجهة الموقف الامريكي المتملق.
وفي قراءة للتصريحات السعودية، قالت 'ديلي تلغراف' ان الساخر في تصريحات الملك عبد الله ان دولته قمعية وارسلت قواتها للبحرين، ومع ذلك فان التحول في الموقف العربي قد يؤدي الى موقف متشدد في حين لم تنجح الدبلوماسية الغربية، لكن ناشطين سوريين يرون في التصريحات السعودية والقطرية والبحرينية مبررا لكي يقوم مجلس الامن بالتحرك.
دماء كثيرة ولا يمكن التراجع
ويرى روبرت فيسك في مقال له في 'اندبندنت' ان المذبحة لن تتوقف الا عندما يتم تحويل عبارات الشجب الى فعل. وقدم في المقال صورة عن التصريحات الاخيرة من اكثر من جانب والتي تظهر تزايد عزلة الرئيس. ويقول الكاتب ان المشكلة في المواقف المختلفة ان الجميع يقولون ان 'صبرهم قد نفد' ولكن لا احد قام بأي فعل سوى رفع مستوى الكلام الخطابي في الوقت الذي استمر فيه عدد ضحايا الربيع السوري بالارتفاع من 500 الى 1000 والى 2000. ويضيف ان غياب الصحافيين 'منعهم' عن سورية يعني ان الرواية الحقيقية عن مدى الاحداث تظل غير كاملة.
ويقول ان التلفزيون السوري يتحدث عن مسلحين، من هم المسلحون، ففيسك يتابع كل ليلة التلفزيون السوري ويرى جنازات، 300 منها حتى الان، ويتساءل عمن قتلهم وما هي هويتهم، فمع ان 'يوتيوب' شاهد مشكوك في راويته التاريخية الا ان ما لا شك فيه ان السكان الذين يواجهون عنفا وقمعا من النظام سيواجهونه بالدفاع عن انفسهم ولكي يخرجوا الميليشيات من المدن. ويقول الكاتب ساخرا ان النظام السوري لبشار يعلن عن اجراءات تشريعية في الوقت الذي يقوم جيشه بقتل المواطنين الذين سيستفيدون منها.
ويتحدث عن النفاق العربي والغربي ويشير للسادة نيكولاي ساركوزي وديفيد كاميرون وباراك اوباما الذين لم يتوقفوا بعد ان انقذوا بنغازي وواصلوا لعبتهم الصبيانية لتدمير القذافي، ويقول ساخرا انه ربما لديهم الملايين كي يدمروا الـ 8 الاف دبابة، فهذا الاسطول من المصفحات دفع ثمنه الشعب السوري لحماية البلد من اسرائيل، وليس لحماية النظام من السوريين انفسهم. ويسخر من عبارات ويليام هيغ - وزير الخارجية البريطاني ـ الذي اطلق عباراته الطفولية عن رحيل القذافي الى فنزويلا. ويقول ان البوارج الحربية البريطانية في قبرص اقرب للسواحل السورية منها لسواحل ليبيا، لكن الاخيرة تملك النفط. ويقول ان الحكام الديكتاتوريين في العالم العربي، في السعودية والبحرين والبقية لا زالوا يفضلون الاسد الاصلاحي على الحرية والكرامة لشعبه. ويضيف ان اسرائيل لا تريد تغيير النظام، فهل تريد امريكا؟ وهنا يشير الى رد فعل الرئيس الامريكي على مذبحة الدانمارك التي قال انها 'حطمت قلبه'، لكن قتل الابرياء السوريين لا يعني سوى ان امريكا يمكن ان تعيش بدون الاسد. ويشير الى ان هناك اكثر من بريفك ـ السفاح النرويجي - في سورية من الشبيحة. ويقول ان السعودية التي دعمت صدام ضد ايران في الحرب ما بين 1980 ـ 1988 صمتت على القتل، والآن في سورية اقنع السعوديين انفسهم ان نجاة النظام الذي يقاتله السنة لن يقود الا الى تعزيز قوة ايران. ويشير الى المشهد في مسرحية شكسبير 'ماكبث' الذي يقول 'ماكبث ملوثة يداه الآن بالدماء ومن الصعوبة الرجوع للوراء'.
حلب وصمتها
وعلى الرغم من استمرارالعمليات والانتفاضات داخل المدن السورية ومحاولة النظام احتواءها عبر سلسلة من الاجراءات التي لم تعد مقبولة، فان مدينة حلب ثاني اكبر مدن سورية ان لم يكن عدد سكانها اكبر من دمشق العاصمة ظلت بعيدة عن الاحداث
ويرى تقرير في صحيفة 'جيروزاليم بوست' ان تردد حلب لا علاقة له بالجبن ولانها مدينة مستقرة ماليا فمن المشكوك فيه ان تقوم بالانتفاض، وسكوت السكان بسبب التواجد الامني الكبير. ويقول التقرير انه بعد يومين من الهجوم على حماة وتصاعد دخان القصف منها نظمت مدينة حلب مهرجانا رفعت فيه علما طوله 3600 قدم ولفته حول القلعة الشهيرة. ويشير الى ان الحياة في المدينة طبيعية بكل المقاييس مما اثار حنق السوريين، حيث يرون ان الحلبيين يمارسون حياتهم وكأن الثورة في بلد اخر. وعلى الرغم من بعض التظاهرات الصغيرة الا انها لا تقارن بالمظاهرات الكبرى في حماة وغيرها. وتقول امرأة ان الامر 'مخجل' وان عدم خروج مظاهرات 'سود وجوهنا'.
ويقول التقرير ان حلب بسبب التخويف وتواجد الجواسيس، والتواجد الامني اضافة للعامل التجاري من المستبعد ان تنتفض. وتعود اهمية حلب الى انها شريان الحياة للدولة فهي العاصمة التجارية وفيها كل المصانع الكبيرة للادوية والنسيج والشركات الكبرى، اما دمشق فهي العاصمة الادارية. ويرى التقرير ان حلب التي شهدت نوعا من الازدهار الاقتصادي فيما عانت فيه بقية البلاد من بطء في النمو، وهذا بسبب قربها لتركيا، يجعل من انتفاضها امرا غير ممكن. ويشير التقرير الى الطبقة التجارية لديها الكثير لتخسره حالة انضمامها للانتفاضة مع ان الكثير منهم ليسوا من داعمي النظام. وقالت ان عمال المصانع وموظفي الشركات يواجهون خطر الفصل حالة انضمامهم للتظاهرات. ولكن هناك سببا آخر، وهو ان معظم قادة المدينة من اتباع مفتي سورية احمد حسون وهو الذي دعم خط النظام ووصف المتظاهرين بانهم 'مزعجون'. ومن هنا فان كلا من دمشق وحلب تعتبران من اهم المدن التي لا يمكن للحكومة ان تخسرهما ولهذا قامت باتخاذ اجراءات لتأمينهما، ومن الاجراءات التواجد الامني المكثف والشرطة ولكن بدون اللجوء الى اساليب قمع واضحة. كما ان الدولة خففت من حدة تطبيق القانون، حيث وجد العمال غير الشرعيين الذين كانت تلاحقهم الدولة اعمالا اكثر مما يحتاجون، والناس يسرقون الكهرباء بدون خوف ولا احد يطبق قوانين السير، ونفس الامر ملاحظ في دمشق. ولاحظ التقرير ان اسعار الطعام رخيصة في حلب مقارنة مع بقية المدن الاخرى.
وتنقل عن مواطن قوله ان الحكومة تريد ان تجعل الناس سعداء والناس يعيشون حياة رائعة. ونقلت عن ناشط قوله ان دفع الرشاوى الذي كان يقوم به السكان لتمضية مصالحهم لم يعد موجودا، وحل محله مظهر من مظاهر الاحترام للمواطنين. ومن هنا فشعار المرحلة هو حصول كل مواطن على ما يريد، 'لا تسرق ولكن لا تحتج وابق على فمك مغلقا'. ويقول التقرير ان الباعة المتجولين في الشوارع واصحاب البسطات هم الآن عيون الحكومة. ويقول ناشطون ان الناشطين في حلب يعيشون حالة من الغليان ولكنهم لا يريدون ان يواجهوا نفس مصير حماة. ومع ذلك هناك من اهالي حلب ممن لا يزالون يعولون على الاسد حيث يخشون حربا اهلية مثلما حدث في ليبيا.

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم