تعتبر الاردن من المجتمعات العشائرية التي تشكل عماد المملكة الهاشمية وكذلك تسكنها غالبية من الاردنيين من ذوي الاصول الفلسطينية التي تعاني من التهميش والاقصاء في ظل نظام ملكي ذو صلاحيات واسعة بحسب الدستور الاردني الذي تم تعديله عشرات المرات ليتناسب مع ذوق الملك.


كذلك الاردن تعاني من تفشي ظاهرة البطالة على نطاق واسع, وتعتبر الاردن من البلدان ذات الغلاء المعيشي بالإضافة الى وجود الفساد المستشري في مفاصل الدولة حيث احيلت العديد من المشاريع التي لم تنجز الى جهات رسمية للتحقيق فيها.
كما ان الاعلام والصحافة غير مستثنى من المعاناة, فما زال يرزح تحت الرقابة الحكومية وساسة كم الافواه, ومن الناحية السياسة فحدث ولا حرج فالملك له صلاحية حل البرلمان والمطالبة بتشكيل حكومة في اي وقت وهو حق كفلة الدستور الاردني له, ولا توجد لحد الان اصلاحات يمكن ان تعتبر حقيقية ومفيدة برغم حديث الملك في اكثر من مناسبة عن اجراء اصلاحات شاملة في نظام الحكم.
وبرغم ان جميع المعارضين للحكم والداعين الى اصلاحه لم يتكلموا عن اسقاط النظام او تغيير نظام الحكم في المملكة الا انهم اجمعوا في مظاهراتهم ومطالبهم بضرورة اصلاح النظام الحالي الذي فقد مصداقيته لدى جميع الاردنيين او على الاقل لدى الاغلبية المحرومة.
الأردن والملكية الدستورية
فيما لم تتبن الحركة الإسلامية في الأردن مبادرة ما سمي "بالملكية الدستورية،" شرع عدد من قيادات إسلامية وشخصيات سياسية وقوى وطنية إلى إطلاق مبادرات تنادي بالملكية الدستورية في البلاد، متخذة منحاً متصاعدا من خلال طرحها للرأي العام للانضمام لها وتبنيها عبر إطلاق صفحة خاصة بها على موقع التعارف الشهير "فيسبوك."
وتحولت "الملكية الدستورية" من أطروحة محظورة للنقاش إلى مبادرة عامة طرحها رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور رحيل غرايبة للرأي العام, ويشير غرايبة الذي أطلق المبادرة بعيدا عن موقعه في الحركة بحسب البيان الأول لها، إلى أن "الملكية الدستورية" تعتبر الحل الأردني لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الشعب ومؤسسة الحكم من خلال إصلاحات دستورية بحيث يكون الملك رأسا للدولة وليس رئيسا للسلطات", ورأى غرايبة أن عودة طرح المبادرة بقوة وعلى نطاق أوسع يتلاءم مع تطورات المرحلة السياسية الراهنة في المنطقة وفي البلاد التي اعتبرها تتحه نحو "المجهول في حال لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة في الإصلاح.
وتضم لجنة "الهيئة الوطنية لمتابعة الملكية الدستورية " قيادات بارزة في الحركة الإسلامية من بينهم المراقب العام السابق للإخوان سالم الفلاحات والقياديين نبيل الكوفحي وخالد حسنين واللواء المتقاعد موسى الحديد والناشط خالد رمضان والناشط النقابي بادي الرفايعة وآخرين ، فيما انضم المئات لمبادرة من خلال إطلاق الصفحة للان. بحسب السي ان ان.
وتدعو المبادرة بحسب الغرايبة إلى تشكيل الحكومة من الكتلة الحائزة على الأغلبية النسبية للمقاعد البرلمانية ، وأن تكون الحكومات منتخبة تحقيقا لمبدأ مركزي في الدولة الحديثة وهو عدم جواز تولية السلطة التنفيذية لمن ليس له صفة تمثيلية منتخبة, وتعنى المبادرة بالإبقاء على رأس الدولة في موقعه من دون وجود صلاحيات على السلطات في البلاد, وفي توضيحه حول الغاية من إطلاق المبادرة على "فيسبوك" بدلا من طرحها عبر وسائل تواصل أخرى، أشار الغرايبة إلى أن الفئة المستهدفة من المبادرة اليوم هي فئة الشباب التي أثبتت قدرتها على التغيير في المنطقة ، مضيفا "الهدف المرحلي من إطلاق المبادرة هو نشر وتعميم ثقافة ومفاهيم الملكية الدستورية بالدرجة الأولى لتصبح واسعة الانتشار."
من جهتها رفضت الحركة الإسلامية تبني "الملكية الدستورية"، وهي المبادرة التي طرحت عام 2009 على مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين لكنها قوبلت بالرفض، وهو ما يؤكده الناطق باسم الجماعة جميل أبو بكر الذي قال ان الحركة تطالب بإصلاح النظام من خلال خطوات محددة من خلال قانون انتخاب جديد وحكومة برلمانية وشراكة شعبية، ولم تتبن الملكية الدستورية حتى الآن, ويخول الدستور الأردني، والمعمول به منذ عام 1952 الملك، بتعيين رئيس الوزراء أو إقالته.
وطالبت الحركة بتعديلات عدة من بينها حكومة برلمانية منتخبة تشكلها الأغلبية النيابية، بالإضافة إلى محاربة الفساد وإيجاد قانون انتخاب عصري، والفصل بين السلطات من بينها إلغاء التعديلات على دستور 52، بالإضافة إلى تعديل بعض المواد كمنع محاكمة الوزراء وما يتعلق بحل مجلس النواب ومدة دورته العادية والمحكمة الدستورية وغيرها.
ويرفض من جهته رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين القيادي الدكتور عبد اللطيف عريبات تبني الحركة لـ"الملكية الدستورية،" لجهة الإبقاء على صلاحيات رأس الدولة بتعيين رئيس الحكومة، معتبرا أن الدعوة الى الملكية الدستورية "مطلب غير مبرر" في الوقت الذي تتوافر فيه حلول إصلاحية أقل "تصعيدا".
ويوضح عريبات، الذي ترأس عدة دورات من مجلس النواب الأردني الحادي عشر العام 1989، أن مفهوم الحكومة "البرلمانية" يعني انتخاب برلمان من خلال قانون انتخاب ديمقراطي عادل التمثيل، بما يمنح السلطة التشريعية حق ممارسة صلاحياتها التشريعية والرقابة "على السلطة التنفيذية" ، على أن "يبقى لرأس الدولة صلاحيات بتعيين رئيس الحكومة, ويقول عربيات إن رؤية الحركة "تنطوي على إصلاح ما هو موجود فكيف للبرلمان أن يراقب رئيس حكومة انتخبه وهل يجوز لرئيس الحكومة أن يحل البرلمان؟" مؤكدا أنه ليس مع طرح الملكية الدستورية.
إلى ذلك، يشير الغرايبة، من موقف "شخصي" بحسب تعبيره، إلى أن الأهداف التي تنادي بها الملكية الدستورية لا تتناقض مع مطالب الحركة الإسلامية في الإصلاح، لكنها تحمل مسميات مختلفة وترتكز إلى الدعوة إلى مبدأ تداول السلطة, وحول احتمالات نجاح نشر المبادرة بين الأوساط المعنية اعتبر الغرايبة بأن "الرأي العام هو من يحدد وهو من يقرر قائلا إننا سنطرحها من خلال حراك شعبي وللرأي العام أن يقرر."
خطوة ابعد
من جهتها قررت المعارضة الاردنية الذهاب خطوة ابعد في حركتها الاحتجاجية، متهمة الحكومة ب "عدم الجدية" في الإصلاحات بعد ان شهدت العاصمة الاردنية عمان الجمعة تظاهرة هي الاكبر منذ بدء حركة الاحتجاجات في المملكة في كانون الثاني/يناير الماضي, وحذر زكي بني ارشيد عضو اللجنة التنفيذية في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين وابرز احزاب المعارضة في البلاد، من ان "الحكومة ستكون قد ارتكبت خطأ كبير جدا في حال عدم تقدير او سوء تقدير الظرف السياسي الذي تمر به المنطقة".
وقال بني ارشيد في ان على "النظام السياسي الاردني ان يفهم ان الاصلاح السياسي الحقيقي هو الممر الوحيد للبقاء" مشيرا الى انه "كلما تأخرت الاستجابة ربما تزداد سقوف المطالبات", ومطالب حزب جبهة العمل الاسلامي، مماثلة لتلك التي عبرت عنها أحزاب اليسار، وتجمعات عشائرية وشبابية ومتقاعدين عسكريين, الجميع يريد "الاصلاحات الدستورية" و "محاكمة الفاسدين" وهذا ما ينادون به في جميع مظاهراتهم, فالاسلاميون يدعون لانتخاب رئيس الوزراء بدلا من تعيينه من قبل الملك كما هو الحال آلان واليسار يرغب في العودة إلى دستور عام 1952 ، الذي اعتمده الملك طلال جد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، وعدل 29 مرة منذ ذلك الحين، ليعطي المزيد من السلطة الى العرش. بحسب رويترز.
وقال بني ارشيد "إننا لا نعول على وعود الحكومة ولانثق بمصداقيتها وإننا سنحدد طريقة التعامل مع هذه الحكومة وفقا لهذه المعطيات", واوضح انه "لا بد اولا من تحديد مطالب وفق جدول زمني محدد فلا يجوز ان يبقى الامر بوقت مفتوح مثلما تتحدث الحكومة عن ثلاثة شهور او ستة شهور", وتابع "مطالبنا يجب ان تتحقق خلال شهر من آلان، وخلال ذلك لابد من القيام بفعاليات، ومزيد من الاعتصامات وربما المظاهرات في كل المملكة وليس في عمان فقط، اضافة الى ذلك ربما سنلجأ الى مسالة الاعتصام المفتوح".
وبحسب بني ارشيد فان "محاولة الضحك على المجتمع والشعب الاردني ومحاولة تنفيس الاحتقان وتقديم تنازلات بسيطة شكلية، لا تفي بالمطلوب"، مشيرا الى ان "هذا هو شأن كل الحكومات، وهذه الحكومة ليست مختلفة عن غيرها من الحكومات، لكن الظرف هو المختلف والمعطيات هي المختلفة", واكد ان "على هذه الحكومة ان تسعى اكثر من غيرها الى تنفيذ الاستحقاقات في مجملها".
من جانبه، قال وزير اردني سابق فضل عدم الكشف عن اسمه ان "بطء وتيرة الاصلاح له مصدر قلق حقيقي من اندلاع حرب اهلية إذا ما تم تنفيذ الاصلاحات الدستورية", وأضاف ان "الملك يمثل عنصر توحيد في البلاد والذي يسمح للشرق اردنيين والاردنيين من أصل فلسطيني، الذين يشكلون نصف السكان، ان يعيشون معا في وئام"، مشيرا الى ان "أي تغيير في شكل الحكم يمكن أن يتسبب باندلاع العنف بين الاطراف", هذه النظرية تم رفضها من قبل المعارضة.
وقال مسؤول في حزب يساري فضل عدم الكشف عن اسمه ايضاً ان "هذه هي اعذار لاستمرار الوضع الراهن"، مشيرا الى ان "الاصلاحات السياسية تصب في مصلحة جميع الأردنيين بغض النظر عن أصولهم". بحسب فرانس برس.
من جانب آخر قرر حوالى 25 من النشطاء السياسيين من حركة "جايين" الجديدة المبيت في خيمة في ساحة امام امانة عمان في اطار تحرك احتجاجي جديد, وقال احد هؤلاء أن الشرطة منعتهم من استخدام الخيم وانهم ناموا على الأرض رغم البرد القارس، مشيرا الى انهم "عازمون على مواصلة حركتهم حتى تنفيذ الاصلاحات المطلوبة"
وبدأت التظاهرات في الأردن في كانون الثاني/يناير الماضي احتجاجا على ارتفاع كلفة المعيشة, الا انها اخذت بعدا آخر بعد رحيل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 من الشهر ذاته، عندما بدأ المحتجون يطالبون باصلاح السياسي وتغيير الحكومة, واقال الملك عبد الله في الاول من شباط/فبراير الماضي رئيس الوزراء سمير الرفاعي وعين معروف البخيت بدلا عنه وتعهد باصلاحات حقيقية في البلاد.
وسائل الاعلام تدعو الى الحرية
في سياق متصل طالب مئات الصحفيين الاردنيين الذين يعملون في وسائل إعلام مقيدة تسيطر الدولة على أغلبها بانهاء القيود الحكومية على حرية الاعلام قائلين انها تمثل عقبة أمام التحول الديمقراطي, ووحد صحفيون من الصحف اليومية والمواقع الاخبارية الرئيسية والاذاعة والتلفزيون الحكوميين صفوفهم في إظهار نادر للوحدة ضد تدخل المسؤولين وأجهزة المخابرات بعد ان اكتسبوا الجرأة من موجة الانتفاضات العربية.
وتجمع عشرات الصحفيين والكتاب في ساحة بالقرب من مقار عدد من الصحف مطالبين بضرورة تطهير الصحافة وإنهاء الوصاية الحكومية عليها وبمحاربة الفساد, ورفع المتظاهرون لافتة كبيرة كتبوا عليها عبارات تعبر عن رفض هيمنة الحكومة والامن على الصحافة, وهذا أحد الاحتجاجات العديدة التي نظمها عمال ساخطون مستغلين مرونة غير معتادة تبديها السلطات التي تسعى الى تجنب الإقدام على أعمال قد تثير انتفاضة كالتي أطاحت برئيسي مصر وتونس. بحسب رويترز.
ونظمت عشرات الاحتجاجات المناهضة للحكومة في المملكة بينها مظاهرات كبرى للمعارضة التي يقودها الاسلاميون للمطالبة باصلاحات سياسية شاملة, وقال سمير الحياري صاحب أكبر موقع إخباري اردني على الانترنت ان الحكومة تسيطر سيطرة كاملة على مؤسسات الاعلام وليس مجرد بعض الصحف او التلفزيون الحكومي, وطالب الحياري برفع سقف الحريات وانهاء القيود التي قال انها تستخدم في التغطية على الفساد مكررا نداءات الاف المحتجين المناصرين للديمقراطية في الاردن منذ انتفاضتي مصر وتونس.
وطالب المدافعون عن حرية الاعلام بتخلي السلطات عن حصة الاغلبية في صحيفة الرأي اكثر الصحف توزيعا في البلاد وعن حصة كبيرة في الدستور وان تنهي التدخل في عمل اليوميات المستقلة مثل الغد مما يجعلها الناطق الرسمي باسم الحكومة في قضايا حساسة.
ودعا سيف الشريف رئيس تحرير الدستور التي كانت صحيفة في وقت من الاوقات مملوكة ملكية خاصة بصورة كاملة الى إنهاء امتلاك الحكومة حصصا في الصحف اليومية وهو من إرث الأحكام العرفية وقوانين الصحافة الصارمة التي خنقت حرية التعبير الى ان رفعت عام 1989.
ويرفع الدستور الاردني من شأن حرية الصحافة لكنه يخول للسلطات صلاحيات واسعة لتقييد وسائل الاعلام, ويواجه الصحفيون المحاكمة اذا اعتبرت المحاكم العسكرية تغطيتهم تنتقص من قدر الجيش او تظهر المعارضة, وألغيت الرقابة المباشرة على وسائل الاعلام المطبوعة قبل سنوات لكن الصحفيين يشتكون من ان أجهزة المخابرات التي وسعت من نفوذها في الحياة العامة في السنوات الاخيرة تجري اتصالات يومية بالمحررين.
وقال سعود قبيلات رئيس رابطة الكتاب الاردنيين انه على الرغم من عدم وجود رقابة الا ان هناك تدخلا مباشرا ويوميا في عمل الصحافة وهو ما يضر بمهنيتها ويعني غياب الاراء الاخرى التي تعارض الخط الرسمي, وارجعت الحكومات المتعاقبة القيود على الصحافة الى اسباب امنية وبددت الحكومة الجديدة التي عينت الشهر الماضي بقيادة جنرال عسكري سابق له صلة بالمؤسسة الامنية امال الليبراليين في التحرك بوتيرة اسرع نحو الاصلاحات الديمقراطية التي تعهدت بها.
على صعيد متصل خرج نحو 5000 محتج أردني الى الشوارع مؤخراً مطالبين بتمثيل برلماني أوسع واصلاحات دستورية تحد من سلطات الملك, ورددت الجماهير الغاضبة وأغلبها من الاسلاميين واليساريين الذين انضم اليهم بعض الشخصيات القبلية والليبرالية البارزة هتاف "الاصلاح والتغيير هذا مطلب الجماهير" في مسيرة خرجت من المسجد الحسيني الرئيسي في المدينة الى ميدان رئيسي قريب. بحسب رويترز.
وتخرج المعارضة الاردنية التي يقودها الاسلاميون وهم الحزب السياسي الاكبر في البلاد في احتجاجات بالشوارع منذ اسابيع للمطالبة باصلاحات ديمقراطية, وتطالب المعارضة الاردنية بدور أكبر يبدأ باصدار قانون جديد للانتخابات يوسع التمثيل في البرلمان لصالح سكان العاصمة ومدينتي الزرقاء واربد الرئيسيتين حيث يعيش أغلب سكان الاردن, ولا تحظى هذه المدن التي يتمتع فيها الاسلاميون بشعبية قوية وتقطنها أغلبية من الاردنيين ذوي الاصول الفلسطينية بالتمثيل المناسب في البرلمان الذي يضم 120 مقعدا في مقابل سكان المناطق البدوية من القبائل ذات الاصول الاردنية وهم عماد التأييد لحكم الاسرة الهاشمية.
وقال الشيخ حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الاسلامي أكبر الاحزاب المعارضة في الاردن للحشود التي تجمعت في نهاية المسيرة ان المتظاهرين يقولون للحكومة ان الاصلاح قد اصبح ضرورة ملحة, واضاف ان الاصلاح ليس مطلب الحركة الاسلامية وحدها او احزاب المعارضة وانما هو مطلب الاردنيين جميعا, وهتف المتظاهرون قائلين "الشعب يريد اصلاح النظام" و"الشعب يريد حكومة منتخبة" كما طالبوا بقانون انتخابات عادل.
واجتاحت الاحتجاجات الدول العربية مطالبة باسقاط الانظمة التي تحكم منذ سنوات طويلة لكن الاحتجاجات في الاردن ركزت على اجراء انتخابات حرة ومحاربة الفساد, ويعتبر الاردنيون الملك قوة توحيد وحكما بين القبائل المتنافسة من الضفة الشرقية والاغلبية الفلسطينية من الضفة الغربية, ويطالب الاسلاميون واليساريون الى جانب أصوات تقليدية متزايدة بتحول اللاردن الى الملكية الدستورية والى دولة تحكمها حكومة يختارها البرلمان بدلا من الحكومة التي يعينها القصر, واضاف منصور ان الشعب يطالب بتعديلات دستورية تنقل الاردن الى الحكومة البرلمانية وتجعل البرلمان ممثلا حقيقيا للشعب الاردني, وواجه الملك عبد الله مقاومة شرسة من المؤسسة المحافظة القوية ومن الاجهزة الامنية التي تحكم قبضتها على السلطة لجهوده الرامية لتحديث المملكة القائمة على النظام القبلي, ودعا الملك الحكومة الى التحرك بسرعة نحو الاصلاحات التي اقر بأنها متعثرة.
ووعدت حكومة رئيس الوزراء الاردني معروف البخيت هذا الاسبوع بفتح الحوار قريبا مع قطاع عريض من الاردنيين ومن بينهم المعارضة الاسلامية واليسارية والجماعات المدنية بشأن كيفية التعجيل بالاصلاحات الانتخابية ورفع القيود عن الحريات العامة, لكن العديد من الاردنيين الذين شهدوا فشل حكومات متعاقبة في تحقيق الوعود التي تتعلق بالاصلاح ما زالوا متشككين في قدرة الحكومة الحالية على تحقيقها.
الحد من سلطات الملك
من جهتهم قال ساسة أردنيون ان الملك عبد الله الثاني يواجه مطالب غير مسبوقة من اسلاميين وليبراليين ومؤيدين باتخاذ خطوات نحو اقامة ملكية دستورية, وبعد الاحتجاجات التي تشهدها المنطقة تشجعت هذه الاصوات التي عادة ما تثور بينها الخلافات على الاجتماع على مطلب عام باجراء تغييرات دستورية للحد من السلطات التنفيذية الواسعة للملك.
وقال الشيخ همام سعيد المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين الاردنية ان الناخبين يجب أن يكفل لهم حق انتخاب رئيس الوزراء الذي يعينه الملك حاليا, ومضى يقول انهم يسعون الى حكومة منتخبة ليختار يختار الناس حكومتهم مكررا بذلك مطالب للحد من السلطات الكاسحة للعاهل الاردني الملك عبد الله في تعيين الحكومات وحل البرلمان والتي كفلتها تغييرات متلاحقة في دستور عام 1952. بحسب رويترز.
وقال محمد أبو رمان وهو محلل سياسي في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الاردنية ان القوى السياسية المختلفة تتحدث بصوت واحد للمرة الاولى في هذا الموضوع رغم اختلافهم حول كيفية تحقيق هذا الهدف, ومضى يقول انه حتى المجموعات التقليدية تتحدث الان صراحة عن الملكية الدستورية التي ستمهد الطريق للمزيد من الديمقراطية الناضجة التي تتناوب فيها الاحزاب السياسية السلطة, وشجعت الاحتجاجات الواسعة النطاق في أنحاء الشرق الاوسط مستخدمي موقع تويتر على الانترنت وعددهم محدود في البلاد على مناقشة دور النظام الملكي.
وقال محمد العربيات على الموقع ان الوضع الحالي يتضمن عيوبا وان السلطة ليست في يد الشعب ولا يمكن للقانون محاسبتها.
وعلى عكس احتجاجات في دول أخرى بالعالم العربي لم يطالب المحتجون في الاردن بالاطاحة بالملك وأقروا بأنه قوة موحدة للعشائر المختلفة وأغلبية المواطنين ذو الاصول الفلسطينية, حتى ليث الشبيلات وهو أشهر معارض في البلاد ومؤيد لاقامة نظام ملكي على النسق البريطاني والذي نصح الملك عبد الله مؤخرا بالتخلي عن أغلب سطاته أشار الى " استقرار عرش يحتاجه الاردن وتنفلت الامور بفقدانه", وادراكا من الملك لجدية الاحتجاجات التي هزت المملكة في الاسابيع الاخيرة قال لاعضاء البرلمان وكبار المسؤولين الذين كانوا يتجمعون في قصره ان محاولاته للاصلاح واجهت معوقات.
ووعد الملك عبد الله بتلبية مطالب قائمة منذ زمن طويل لاصلاح قانون انتخابي يهمش مدنا ذات كثافة سكانية عالية تعتبر معاقل للفلسطينيين والاسلاميين لصالح مناطق عشائرية يندر بها السكان والتي تمثل العمود الفقري لدعم الملكية, وقال الملك عبد الله "عندما أتحدث عن الاصلاح فمعنى ذلك أنني أريد اصلاحا حقيقيا وسريعا لانه من غير هذا الاصلاح الحقيقي ستبقى الامور مثلما كانت في السابق عند كثير من الذين تحملوا المسؤولية وأضاعوا الكثير من الفرص بين التردد والخوف من التغيير والتراجع أمام أصحاب أجندات لا تريد الاصلاح لانها تخاف على مصالحها وهذا الذي لن أسمح به."
لكن هذه التغييرات لن تساهم كثيرا في تلبية الطلب الاكثر الحاحا المتمثل في الحد من سلطات الملك, حتى أبسط الجهود لتحديث المجتمع الذي يقوم على العشائر تواجه مقاومة شديدة ممن يستفيدون من الوظائف والدعم الحكومي وهي مميزات يحصل عليها أساسا الاردنيون الاصليون الذين يطلق عليهم سكان الضفة الشرقية مقابل المواطنين من أصول فلسطينية.
ويقول ساسة ان جهاز المخابرات الذي لديه نفوذ متغلغل في الحياة العامة أعاق محاولات الملك لاجراء اصلاحات على أساس أنها ستؤدي الى تسليم السلطة للاسلاميين الذين يمثلون أكبر جماعة معارضة ويحصلون على التأييد من المناطق العشائرية والحضرية كذلك لكن لديها جذور فلسطينية عميقة, واكد محللون ان الملك عبد الله ممزق بين ارضاء مؤسسة الضفة الشرقية التي تحكم قبضتها على السلطة وتشعر بالقلق ازاء فقد مزايا حكومية وبين السعي لاصلاحات أوسع نطاقا من شأنها تمكين الاردنيين من أصول فلسطينية وهم أغلبية بين سبعة ملايين نسمة, ويقول الكثير من الفلسطينيين وهم أعمدة النشاط التجاري في البلاد انهم يواجهون تمييزا رسميا وان أغلبهم يتعرض للاقصاء من قوات الامن كما أنهم لا يحظون بتمثيل كاف في الحياة السياسية.
وحتى الان استجاب الملك عبد الله للاحتجاجات المناهضة للحكومة من خلال تعيين ضابط سابق في المخابرات رئيسا للوزراء في خطوة اعتبرت ضربة للاسلاميين ولامال الليبراليين في اجراء اصلاح حقيقي.
الملكة والسياسة
ال ذلك قدمت شخصيات عشائرية أردنية بيانا للملك عبد الله الثاني يحثه على وقف تدخل الملكة رانيا زوجته الفلسطينية الاصل في السياسة في تحد جديد للعاهل الاردني الذي يواجه تداعيات الانتفاضات في تونس ومصر, وفي استحضار لمقارنات مع زوجتي الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك هاجم الموقعون على البيان الملكة رانيا واتهموها باستغلال أموال الدولة للترويج لصورتها في الخارج دونما اهتمام بمعاناة الاردنيين العاديين.
وتأتي الشخصيات الموقعة على البيان وعددها 36 شخصية من العشائر المحافظة في الضفة الشرقية لنهر الاردن والتي تمثل العمود الفقري لدعم الاسرة الهاشمية الحاكمة في حين يمثل الاردنيون من أصل فلسطيني أو من الضفة الغربية لنهر الاردن غالبية سكان البلاد البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة. بحسب رويترز.
وجاء في البيان "انها تبني مراكز قوى لمصلحتها بما يخالف ما اتفق عليه الاردنيون والهاشميون من أصول الحكم وبما يشكل خطرا على الوطن وبنية الدولة والنظام السياسي ومؤسسة العرش."
وأضاف البيان "ان عدم النظر لفحوى البيان سيلقي بنا الى ما حدث في تونس ومصر وما سيحدث في بلدان عربية أخرى تتنظر التحرك."
ويعبر البيان الصريح على غير العادة عن الشقاق العميق بين الوطنيين الشرق أردنيين المتشددين والاغلبية الفلسطينية أكثر من تعبيره عن تحد مباشر لحكم الملك عبد الله, ولكنه يكثف الضغوط على الملك الذي رد على الاحتجاجات المناهضة للحكومة الاسبوع الماضي باقالة الحكومة وتعيين معروف البخيت وهو ضابط سابق بالجيش رئيسا للوزراء, وتلك الخطوة التي أعقبت حزمة من المساعدات قدمتها الدولة بقيمة 500 مليون دولار لزيادة مرتبات الموظفين المدنيين وكبح زيادة الاسعار استهدفت التعامل مع انزعاج سكان الضفة الشرقية بسبب سياسات التحرر الاقتصادي التي اتبعتها الحكومة السابقة وهددت المزايا التي تقدمها الدولة.
والهجوم العلني على شخصيات من الاسرة الحاكمة من المحظورات في الاردن بموجب قوانين منع اثارة الفتنة أو العيب في الذات الملكية التي تقيد مناقشة أمور تتصل بالاسرة الحاكمة, ولكن الموقعين على البيان الذين جاءوا من عشائر مثل بني صخر والعبادي والشوبكي والمناصير وهي عشائر رئيسية داعمة للاسرة الهاشمية قالوا ان خوفهم على البلد والعرش هو الذي دفعهم لابداء رأيهم, وقال الموقعون ان شرعية الاسرة الهاشمية الحاكمة تعتمد على قبول العشائر في شرق الاردن, وقال فايز الفارس ان البيان أكد أنه بعيدا عن الملك "لا يجوز أن تكون هناك أي حصانة لاي شخص فاسد بغض النظر عن مرتبته", واتخذ الوطنيون الشرق أردنيون المتشددون موقفا من الملكة رانيا بسبب خلفيتها الفلسطينية ودورها البارز في مجتمع يهيمن عليه الرجل, وتضطلع الملكة التي تقابل وفودا غربية رفيعة بجوار زوجها بدور بارز في الدفاع عن حقوق المرأة الاردنية بما في ذلك حق المرأة في منح جنسيتها الاردنية لابنائها من زوج أجنبي وهو حق لا يعترف به في معظم العالم العربي.
وأثارت الملكة بدعمها قانونا قد يعطي الجنسية الاردنية لمزيد من الفلسطينيين المخاوف بين المؤسسة الحاكمة من أن يميل الميزان السكاني أكثر لصالح الاردنيين من أصل فلسطيني, ويقولون أيضا ان تمكين الاردنيين من أصل فلسطيني قبل اقامة الدولة الفلسطينية سيعطي اسرائيل ذريعة للاستمرار في حرمان الفلسطينيين من حق العودة ويحل المشكلة على حساب الاردن.
والبيان هو أكبر هجوم شخصي كاسح على الملكة رانيا (40 عاما) منذ أن ردد مشجعون من الضفة الشرقية شعارات تسيء لاصلها الفلسطيني وتحث العاهل الاردني على تطليقها أثناء مباراة لكرة القدم حظيت باهتمام لافت, وقال المحلل السياسي لبيب قمحاوي ان أصل الملكة رانيا الفلسطيني يعني أنها هدف سهل لمنتقدين يسعون الى تصويرها كمواطنة غير أردنية رغم أنها لم تكن أول ملكة للاردن تأتي من أصول من خارج الضفة الشرقية, وتزوج الملك حسين والد الملك عبد الله أربع زوجات لم تكن أي منهن من الضفة الشرقية, وقال قمحاوي "يميل المجتمع الى الطابع المحافظ وينظرون الى دور المرأة في ظل دور الرجل وليست كشخصية مستقلة."
الفساد والفقر
من جهة اخرى أحال رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت ملف مشروع إسكاني ضخم تتجاوز كلفته سبعة مليارات دولار الى هيئة مكافحة الفساد لدراسته والتحقيق فيه، بعد مطالب نيابية للتحقيق به بشبهة فساد, وأحال البخيت "ملف مشروع سكن كريم لعيش كريم" الذي تم إطلاقه قبل نحو ثلاث سنوات "الى رئيس هيئة مكافحة الفساد للإيعاز لمن يلزم بدراسة الملف للتحقق وإجراء المقتضى". بحسب وكالة الأنباء الأردنية.
وطالب نواب في تصريحات مطلع الشهر الجاري بمراجعة شاملة لملف هذا المشروع الذي تبلغ كلفته حوالى خمسة مليارات دينار (أكثر من سبعة مليارات دولار)، مرجحين وجود "شبهات فساد" فيه، ومشيرين إلى "عيوب فنية في الشقق التي سلمت، وافتقارها الى خدمات البنية التحتية، فضلاً عن جملة من الأخطاء والتجاوزات في آلية التنفيذ والعطاءات".
وكان العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني أطلق في شباط/فبراير 2008 المشروع بهدف إنشاء 100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود في شمال ووسط وجنوب المملكة خلال خمس سنوات، لتباع الشقة بما يقارب 33 ألف دولار تقسط على 240 دفعة, وتتراوح مساحات شقق المشروع بين 80 و140 متراً مربعاً وتتضمن مناطق خضراء وملاعب ومرافق عامة وقاعات متعددة الأغراض, وتطالب جميع المظاهرات التي تشهدها المملكة منذ كانون الثاني/يناير الماضي بإصلاحات سياسية ومكافحة الفساد, ودعا العاهل الاردني الاحد الماضي إلى "تعزيز كل آليات وأجهزة مكافحة الفساد" في المملكة.
وقال "إن المطلوب من الحكومة ومن مجلس الأمة ومن الجميع، التحرك الفوري للتعامل مع أي موضوع مطروح، إذا كان هناك شبهة فساد، يبدأ التحقيق فيها فوراً، وإذا الاتهامات غير صحيحة، يتم توضيح ذلك، ويتوقف الاتهام لأن الكلام غير المسؤول يسيء للبلد ومكانته.
في سياق متصل تهافت مئات الاردنيين على الديوان الملكي في عمان بعد شائعة تفيد انه يقدم معونات مالية للاسر الفقيرة تصل الى 500 دينار اردني (700 دولار) في بلد يشهد احتجاجات مستمرة مطالبة باصلاحات اقتصادية وسياسية, وتجمع مئات الاشخاص الباكر قرب بوابة الديوان الملكي الأردني (وسط عمان) آملين في الحصول على مساعدات مالية تتراوح بين مئتين و500 دينار (280 إلى 700 دولار) فيما حاول افراد من الحرس الملكي اقناعهم بان الامر شائعة، لابعادهم عن بوابة القصر.
ونفى الديوان الملكي الاردني في بيان له وقال "لا صحة اطلاقا لما جرى ترويجه من ان الديوان الملكي يقدم مساعدات مالية", واكد انه تم "القاء القبض على عدد من الذين اشاعوا هذه القصة للتكسب منها، خاصة انه تبين وجود استدعاءات جاهزة لدى عدد من المحلات القريبة من بوابة الديوان الملكي وان بعض الاشخاص اوهموا المواطنين بان من يعبىء الاستدعاء سيحصل على مساعدة مالية", وأكد عدد من الشيوخ والنساء المتواجدين قرب الديوان الملكي، أغلبهم فاقت أعمارهم ال50 عاما، أنهم إبتاعوا طلبات تراوح سعرها ما بين نصف دينار (أقل من دولار) ودينارين (2,8 دولار) لتقديمها للديوان الملكي بهدف الحصول على المساعدة المالية.
ومنذ سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي خرجت في الاردن تظاهرات واعتصامات عديدة احتجاجا على غلاء المعيشة وللمطالبة باصلاحات سياسية واقتصادية، في بلد بلغ الحد الأدنى لدخل الفرد فيه 211 دولارا, وتقدر نسبة البطالة في المملكة التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة وفقا للارقام الرسمية ب14,3%، بينما تقدرها مصادر مستقلة ب30%, وتقدر نسبة الفقر في المملكة ب25%، بينما تعد العاصمة عمان أكثر المدن العربية غلاء وفقا لدراسات مستقلة.

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم