هبط سعر برميل النفط هبوطاً مفزعاً وبشكل سريع؛ حتى لامس الـ 70 دولاراً تقريباً، وانخفض عنه حالياً، بعد أن كان سعره 115 دولار قبل أربعة أشهر.
والخاسر الأكبر من انخفاض سعر البترول هو المملكة لأن خسارتها ستكون ضخمة بضخامة حجم احتياطيها.
والرابح الأكبر هنا : هو البلدان التي تدعم النفط بمليارات الدولارات كمصر .
ومن القوى الكبرى التي تتأثر روسيا؛ لاعتماد ميزانيتها على عوائد بيع الطاقة عالميًّا بنسبة تزيد على 50%، وهو ما دفع مروجي نظرية المؤامرة إلى القول بأن هناك رغبة أمريكية في خفض أسعار الطاقة عالميًّا من أجل الضغط على موسكو، وإلحاق الأضرار باقتصادها المعتمد على صادرات الطاقة، وذلك في إطار المواجهة الدولية بقيادة واشنطن للسياسات الروسية المعارضة لمصالح القوى الغربية.
والسؤال الافتراضي هنا هو : ما مصير البلدان الذين لا يصدرون شيء الا النفط والغاز فقط ؟
كفنزويلا وايران والجزائر وليبيا والسعودية ونيجيريا واذربيجان والعراق وغيرهم ؟ .
لا استطيع أن اجيب عن هذه الأسئلة الصعبة .. لكني سأسرد لكم ما قاله احد المختصين . في يوم 27 نوفمبر 2014 طلب مني شيخ طاعن في السن \" مختص في الدراسات المستقبلية \" أن ارافقه الى احدى المراكز التجارية الكبرى في العاصمة الجزائرية . كان الجو صحوا ومشمس كأننا في فصل الربيع .. وهذا الأمر لا يبشر بالخير .. استقبلته بوجه صامت ..ليس عابسا و لا تبدو على وجهه علامات السعادة . . إنما وجه صامت عن كل تعبير ، كأن جسده فارغا .. بلا روح ! وسرنا داخل المركز صامتين كأننا في موكب حزين .. و ما كدنا نتوسط المركز .. توقف الشيخ كأنه يفكر ، ثم قال : إذا حدث وانخفضت أسعار النفط والغاز انخفاضًا حادًّا، فمن الجائز تمامًا أن تختفي هذه السلع المتنوعة بسبب التوقف التام لعملية الاستيراد وانت تعرف أن ... !!
ضحكت ضحكة ليس لها معنى وقلت له : لنا احتياط ما يكفي لمدة سنتين . . نظر إلي نظرة حادة ، وقد ارتفع صوته ..لا تأخذ الأمر ببساطة ، أنه جد خطير ،
أنا متأكد أن هذه السلع ستتبخر في السماء ولن نجد ما نأكل.. أن الأحوال ستتغير بقوة لا ترحم احد ما سيحدث بعد تراجع اسعار النفط في بلادنا لم يخطر على بال . وأفدح مما تتصور ؟ . وسائل النقل ستتوقف !! المقاهي والحانات ستغلق ؟. ندرة في الملابس و لا حنجرة تغني و لا وتر يعزف ، لا نكتة ، صراخ هنا وهناك و لا استغاثة!! يكثر الانتحار. الندرة في المواد الغذائية وفي الخبز والحليب ومشتقاته ! ، المدارس والجامعات مغلقة بسبب الجوع هذا الأخير يلغي العقل والاخلاق والدين وكل شيء.. الامن ينعدم لأنه مرتبط اولاً وقبل كل شيء بإشباع البطون !!. المؤسسات الحكومية مغلقة بسبب عدم وجود الرواتب. وبصفة أدق سيؤدي انخفاض اسعار النفط مجاعة حقيقية وستصبح البلاد كل شيء فيها يتحرك بلا ضوابط .
اغلبية الناس ستعاني نقصاً في الغذاء والمأوى، والكساء والدواء، فيلاذ بعضهم إلى كهوف الجبال، ربما يجدون ما يأكلون هناك . ومن معهم الأموال الكثيرة أو المناصب العليا يلاذون الى اوروبا . صدفة رفع الشيخ عينه في دهشة ، صمت لحظات قبل أن يفيق من دهشته ، قال : نسيت أن أشتري سكن في اسبانية كما يفعل بعض الجزائريين الذين يشعرون أن الكارثة اقتربت . صدفة قاطعته وقلت له : ربما تكون هناك معجزة ما ، جذب الشيخ نفسا عميقا من صدره كأنه يستعين به على ضبط أعصابه ، وقال بصوت مرتعش يحاول ان يجعله هادئا : لا تنتظر المعجزات ! لأننا لم نأخذ بمنهجية العلوم في قضية التطور الاقتصادي والسياسي والثقافي والحضاري . أسئلة عديدة تزاحمت في خلدي لم تجد لها جوابا . وعدت الى بيتي في المساء وخلعت ثيابي ، ورقدت في فراشي متفتح العينين أنظر بهما الى سقف الغرفة .. كأني أبحث فيه عن دليل يكذب ما ذهب إليه الشيخ . لكني لم افلح في ذلك وأكثر من ذلك فقد قلت في نفسي : لو جاءني الإنس والجن وقالوا لي إن أفكار الشيخ ليس سوى حلم ..سيذبل كما تذبل الزهرة الجميلة الضعيفة .. لكذبتهم .. و لأقسمت لهم أن ما قاله الشيخ : ليس حلم .
مشاركة الكاتب / رابح بوكريش
