ويكيليكس العربية

هل سألتم أنفسكم يوماً لماذا حينما يسافر كثير من السعوديين نحو الدول المتقدمة , للعمل أو للدراسة- يشعرون بالراحة والاطمئنان؟ ذلك رغم كون السعودي , لاحظوا , لا يرتبط بأي علاقة أو قربى في تلك المجتمعات.. فلا أصدقاء، ولا أصهار، ولا أقرباء، ولا أحبة , لا يرتبط بهذه الدولة بأي علاقة من أي نوع.. بالطبع ليس ثمة سر ولا هم يحزنون.. المعادلة تكمن في تحقق العدالة الاجتماعية .



باختصار شديد ! 
حينما يشعر الإنسان أنه سيحصل على حقوقه - دون واسطة أو رشوة أو تقبيل للأيدي والأكتاف - سيشعر بالراحة والاطمئنان.. حينما يكتشف الواحد منهم أنه «إنسان» له كيان يستوجب التقدير، و «آدمية» تستحق الاحترام، سيشعر بالراحة والاطمئنان.. حينما يتيقن أنه سينال حقوقه كاملة غير منقوصة، بغض النظر عن جنسيته ولونه وعمله ومكانته، سيشعر بالراحة والاطمئنان.

ولذلك لن تتحقق الكثير من القيم التي يبحث عنها كثير من السعوديين ، دون تحقق العدل.. دون إرساء العدل.. بالعدل قامت السماوات الأرض {إن الله يأمر بالعدل} . السبت الماضي تناولت ملفاً واحدا من الملفات التي أرّقت وأرهقت كثيرا من الناس في السعودية , وهو الملف الصحي وتخلفه، قياسا بحجم الثروات الهائلة المتدفقة في هذه المنطقة.. وختمت مقالي بثلاثة أسئلة جوهرية قلت فيها: إن لم تتطور الخدمات الصحية في السعودية في ظل هذه الوفورات المالية فمتى ستتوفر؟! 

إن لم يحصل المواطن اليوم، على رعاية صحية فائقة كتلك التي يحصل عليها المواطن الأميركي والأوروبي - بل وحتى التايلاندي - فمتى سيحصل عليها؟! إن لم تتوقف رحلات العلاج إلى مصحات أميركا وأوروبا في ظل هذه الفوائض المالية والاحتياطات الضخمة فمتى ستتوقف إذن؟!

وضعت أمامي العديد من الإجابات.. طرحت عددا من الحلول.. رجعت لأرشيفي.. بحثت كثيراً.. اكتشفت أن هذه الحلول مطروحة للنقاش منذ سنوات طويلة جداً!. بمعنى: كان المنتظر أن تصبح واقعاً، وتتطور الخدمات الصحية تطورا طرديا مع تدفق البترول والغاز.. غير أن شيئا من ذلك لم يحدث! والسر ببساطة أن السبب الحقيقي لا يزال غائباً عن الجميع ولم تتم مناقشته حتى الآن.. أنت حينما تريد حل مشكلة، لا بد أن تبحث عن الجذر الحقيقي للمشكلة.. بمعنى: حينما تقوم بعلاج الآثار والأعراض الجانبية، دون الوصول لأس وأساس المشكلة فأنت تساهم دون أن تشعر في إطالة أمد المشكلة، وتوسع دائرة الضرر الناتج عنها. إن أساس مشكلة الصحة في السعودية يكمن في غياب العدالة الاجتماعية.. وأبرز مؤشرات غياب العدالة هي كون الرعاية الصحية الملائمة يحظى بها أناس دون غيرهم.

اسأل نفسك حينما تعجز عن توفير علاج مناسب لطفلتك، أو حينما تقف بها في طابور طويل في مستشفى مكتظ بالمراجعين منتصف الليل، أو حينما تدفع وتبذل الغالي والنفيس في علاجها، لو كانت هذه الطفلة ابنة وزير الصحة في بلدك هل ستجد ذات المعاناة ؟ أعد طرح السؤال بصيغة أشد ألماً: هل تعاني عائلة الوجيه فلان، أو الوجيه علان في بلدك ما تعانيه عائلتك؟

الواقع المر والمرير يقول (لا).. إذن ماذا ستفعل حينما تواصل الصعود إلى الأعلى.. ستكتشف أن هناك خدمات صحية فائقة لا يمكن للمواطن الحصول عليها، ولا في الأحلام ! ولذلك -حتى أختصر الحكاية عليكم- فإنني أجزم تماماً أن الخدمات الصحية في السعودية لن تتطور، ولن يتبدل مستواها، ولن يتعدل حالها، مهما طرحت الحلول، ومهما تغيّر الوزراء، ومهما عقدت الاجتماعات، إلا بشرط واحد فقط.. وهو تحقق مفهوم العدالة في الخدمة الصحية المقدمة للجميع.. توزيع المنافع الصحية بين الناس بالتساوي.. 

أهم خطوة هي أن تغلق الأجنحة الخاصة.. والغرف الخاصة.. والنوافذ الخاصة.. ليس هناك عيادات ملكية ولا أميرية.. الحاكم والمحكوم سواء.. الكرامة محفوظة للكل.. لا فرق بينهم.. لا فرق بين أمير ولا وزير ولا فقير.. حينها سيدرك «طويل العمر» رداءة الخدمات الصحية المقدمة لشعبه، وسيبادر إلى انتشالها من واقعها التعيس والرديء.. عدا ذلك ستبقى المشكلة قائمة ! دمتم بصحة وعافية.

مشاركة الاستاذ / صالح الشيخي

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم